مادة الفلسفة
الفئة المستهدفة: 2 بكالوريا «الشعبة الأدبية "
مجزوءة: الوضع البشري
يعتبر البحث في إشكالية دور الإنسان في التاريخ استمرارا للتساؤل حول منطق التاريخ وغائيته، ذلك أن القول بوجود منطق أو غاية في التاريخ يقتضي أن الصيرورة التاريخية تمضي وفق مبادئ وقوانين موضوعية مادية أو عقلية بعيدا عن الذاتية المتقلبة للإنسان، فمن جهة يبدو الإنسان هو صانع التاريخ ومن جهة أخرى يبدو أن هذا التاريخ نتاج ظروف معينة. من هذا المنطلق يجوز لنا أن نطرح التساؤلات التالية:
ما دور الإنسان في التاريخ؟
هل الإنسان فاعل في التاريخ أم مفعول به؟
هل الإنسان حر في صناعة التاريخ؟ م هو خاضع للضرورة
التاريخية؟
التصور المثالي: أطروحة فردريك هيجل
في ظل هذا التصور المثالي الذي يقول بوجود روح كلية تسري
في الكون وتتحكم في حركة وغاية التاريخ. يمثل الإنسان أداة في يد هذه القوة التي
نستخدمه من أجل تحقيق المطلق وهي تختار من الناس الأبطال والعباقرة (نابليون،
القيصر، الإسكندر...)، لكونهم يجسدون الغايات التي ترمي إليها الإرادة الإلهية،
فيكون دورهم هو تحقيق التقدم.
فالإنسان ليس سوى وسيلة في يد التاريخ وليس صانعا له بل
يتجلى دوره في تنفيذ برنامج معد سلفا.
التصور الوجودي: أطروحة جون بول سارتر
تحتل مسألة الإنسان مكانة هامة في الفلسفة الوجودية التي
يغد سارتر أحد أبرز أعلامها، وذلك من خلال تأكيدها على أن الإنسان يبني ماهيته
وفقا لما يريد أن يكون عليه، ونتيجة هذا الموقف فالإنسان قادر على صنع التاريخ
وتوجيه مساره عندما يمتلك الوعي بالممكنات أو الاختيارات المتاحة له لكي يتمكن من
تجاوز وضعيته وتحقيق مشروعه في الوجود والحياة ضمن حقل الممكنات التي يختار
إحداها.
خلاصة تركيبية لمفهوم التاريخ:
من خلال الاشتغال على مفهوم التاريخ، يتبين أن مختلف
الإشكالات التي يتناولها، تؤكد على كون الإنسان كائن تاريخي، يعيش في إطار منظومة
تاريخية تربط حاضره بماضيه ومستقبله. كان رهان المؤرخين خلال القرن 19 بناء معرفة
حقيقية حول الماضي. وجعله علما دقيقا، ونزع القداسة والإيديولوجيا والأساطير عنه.
وهو الرهان الذي أفرز تصورين الأول الذي يؤكد على إمكانية جعل هذه المعرفة دقيقة
وعلمية والآخر الذي يؤكد على الصعوبات المنهجية التي تعترض المؤرخ.
كما عالج المفهوم قضية التقدم في التاريخ، بين من يراه
تقدما حتميا وجدليا، وبين اتجاه يؤكد على دور الصدفة والعرضية.
وأخيرا إشكالية الحرية، بين اتجاه يؤكد على قدرة الإنسان
على صناعة التاريخ وتوجيهه، وبين اتجاه آخر يؤكد على الحتمية التاريخية التي لا
يمكن للإنسان أن يغيرها أو يتحكم فيها.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire