‏إظهار الرسائل ذات التسميات الكتابة الإنشائية الفلسفية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الكتابة الإنشائية الفلسفية. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 30 أبريل 2024

نموذج تحليل نص فلسفي

 

الفئة المستهدفة: 1 باك " جميع الشعب"

المادة: الفلسفة

المجزوءة: الإنسان

نص ابن خلدون حول ضرورة الاجتماع البشري


 

إن الاجتماع الإنساني ضروري، ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم “الإنسان مدني بالطبع”، أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدنية في اصطلاحهم، وهو معنى العمران. وبيانه أن الله  -سبحانه- خلق الإنسان وركبه على صورة لا يصح حياتها وبقاؤها إلا بالغذاء، وهداه إلى التماسه بفطرته وبما ركب فيه من القدرة على تحصيله. إلا أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته من ذلك الغذاء غير موفية له بمادة حياته، ولو فرضنا منه أقل ما يمكن فرضه وهو قوت يوم من الحنطة مثلا فلا يحصل إلا بعلاج كثير من الطحن والعجن والطبخ. وكل واحد من هذه الأعمال الثلاثة يحتاج إلى مواعين وآلات لا تتم إلا بصناعات متعددة من حداد ونجار…

وكذلك يحتاج كل واحد منهم أيضا في الدفاع عن نفسه إلى الاستعانة بأبناء جنسه، لأن الله سبحانه لما ركب الطباع في الحيوانات كلها وقسّم القدر بينها، جعل حظوظ كثير من الحيوانات العجم من القدرة أكمل من حظ الإنسان. فقدرة الفرس، مثلا، أعظم بكثير من قدرة الإنسان، وكذا قدرة الحمار والثور، وقدرة الأسد والفيل أضعاف من قدرته. ولما كان العدوان طبيعيا في الحيوان جعل لكل واحد منها عضوا يختص بمدافعته ما يصل إليه من عادية غيره، وجعل للإنسان، عوضا من ذلك كله، الفكر واليد. فاليد مهيئة للصنائع بخدمة الفكر، والصنائع تحصل له الآلات التي تنوب له عن الجوارح المعدة في سائر الحيوانات للدفاع مثل الرماح التي تنوب عن القرون الناطحة…

 ولابد في ذلك كله من التعاون عليه بأبناء جنسه، وما لم يكن هذا التعاون فلا يحصل له قوت ولا غذاء ولا تتم حياته، لما ركبه الله تعالى عليه من الحاجة إلى الغذاء في حياته، ولا يحصل له أيضا دفاع عن نفسه لفقدان السلاح، فيكون فريسة للحيوانات ويعاجله الهلاك…

فإذن هذا الاجتماع ضروري للنوع الإنساني وإلا لم يكمل وجودهم، وما أراده الله من اعتمار العالم بهم واستخلافه إياهم وهذا هو معنى العمران الذي جعلناه موضوعا لهذا العلم.

 

عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة، تحقيق درويش الجويدي، المكتبة العصرية – بيروت، الطبعة الثانية 2000، ص: 46-47

مطلب الفهم: المقدمة:

         انطلاقا من المفاهيم المتضمنة في هذا النص الفلسفي قيد الاشتغال (الاجتماع البشري،المدنية، الإنسان

 ...) يتضح لنا أنه يتموضع داخل مجال مجزوءة الإنسان، والذي يقصد به الكائن العاقل والقادر على التمييز بين الخير والشر، وهو كائن متعدد الأبعاد ( وعي، رغبة ، مجتمع...) وهو من القضايا الكبرى في تاريخ الفلسفة منذ ظهورها في اليونان، فهو حيوان سياسي عند أرسطو، ومقياس كل شيء عند السفسطائيين، و كائن مفكر عند ديكارت وحيوان ميتافزيقي عند شوبنهور ...الخ. ويتأطر االنص تحديدا ضمن مفهوم المجتمع: وهو " تجمع للناس في إطار علاقات متبادلة وقيم ومعايير اجتماعية، تنظمهم مؤسسات ويتقاسمون هوية ثقافية مشتركة ويتبادلون مصالح مشتركة."، وبالتمعن في النص الماثل أمامنا نجده يسلط الضوء على إشكالية أساس المجتمع وبذلك فهو يفضي الى مفارقة واضحة تتمثل في أن الإنسان حينما يولد كفرد مستقل لكن يجد نفسه في إطار جماعة. فالبعد الطبيعي في الإنسان هو حاجته إلى الآخر، لكن قد يعيش منعزلا أحيانا. إذن استنادا إلى هذه المفارقة الفلسفية يمكننا طرح مجموعة من الاشكالات من قبيل: كيف ينشأ المجتمع الإنساني؟ هل على أساس فطري طبيعي؟ أم على أساس ثقافي مكتسب؟

مطلب التحليل:

         جوابا عن الإشكال لمطروح أعلاه يقدم النص أطروحة فلسفية مفادها: أن أساس الاجتماع البشري هو أساس طبيعي وضروري، فالإنسان لا يستطيع تحقيق حاجاته بمعزل عن الآخرين. يعتبر الاجتماع الإنساني أو ما يسمى بالعمران البشري حياة جماعية للأفراد، تنبني على التعاون والتضامن من توفير الغداء والأمن والاستقرار، ولا يستطيع الفرد لوحده أن يحقق لنفسه هذه الاحتياجات دفعة واحدة، لأن طبيعة الفرد تد فعه إلى التعاون والتعايش ضمن مجال مشترك مع الآخرين لذلك يمكن القول إن الإنسان مدني أو اجتماعي بفطرته.

وقد وظف صاحب النص مجموعة من المفاهيم الفلسفية نذكر منها:

الاجتماع الإنساني: وهو تجمع البشر في إطار مجتمع منظم وفقا لفطرتهم التي فطرهم الله عليها.

المدنية: بمعنى حالة التمدن والتحضر وهي نقيض التوحش والحيوانية.

الإنسان: كائن مدني بطبعه بمعنى اجتماعي، لا يستطيع العيش خارج إطار المجتمع.

العلاقة التي تربط هذه المفاهيم هي علاقة تكامل وانسجام لأن الإنسان كائن مدني بطبعه وبفطرته التي فطره الله عليها.

وإقناعنا بصواب أطروحته اعتمد صاحب النص مسلكا حجاجيا، يمكن أن نميز فيه بين العمليات التالية:

- المثال : حاول النص بيان موقفه بمثالين يتلخص الأول في التعاون من أجل تحصيل قوت يوم. والمغزى المقصود من وراء توظيف هدا المثال هو إثبات أطروحته. وتعلق المثال الثاني بالتعاون من أجل الدفاع عن النفس والسيطرة على الطبيعة ويؤدي هدا المثال نفس الوظيفة التي أداها المثال الأول.

_ بالحجاج المستند إلى سلطة حاول النص الدفاع عن أطروحته باعتماد حجة نقلية تتمثل في الاستشهاد بالقول الفلسفي للفلاسفة القدماء (أفلاطون أرسطو) فقد عمد النص إلى ذلك لأجل الإقناع. والقول الذي تم الاستشهاد به هو "الإنسان مدني بالطبع".

مطلب المناقشة:

           يتبين مما سبق إن الدافع إلى تأسيس المجتمع دافع فطري اقتضته طبيعة الإنسان، وتتجلى القيمة الفلسفية لأطروحة النص في التركيز على البعد الفطري للاجتماع الإنساني، أما من الناحية التاريخية فالنص نموذج لتصور الفكر الإسلامي لمسألة الاجتماع الإنساني، وهو الفكر الذي تأثر بالفلسفة اليونانية، وابن خلدون حاول تأسيس علم يفهم تطور التاريخ والمجتمع الإنساني. لكن إلى أي حد يمكن القبول بهذا التصور كإجابة وحيدة ممكنة لمعالجة الإشكال المطروح؟ أليست هناك تصورات فلسفية أخرى مدعمة او معارضة لهدا التصور؟      في سياق الإجابة عن التساؤل يمكن أن نقف عند التصور اليوناني والدي استشهد به صاحب النص ويتعلق الأمر بأرسطو Aristoteيؤكد هذا الفيلسوف أن الإنسان اجتماعي بفطرته، لذلك يعتبر المجتمع استجابة تلقائية للفطرة الإنسانية، إن الإنسان يميل إلى التعاون والتآزر قصد تلبية حاجياته الأساسية، من هنا نشأت قرى ومدن ودول وهذه التجمعات تمثل تحقيق للذات الإنسانية وإكمالا لماهية الإنسان.

ومن منطلق آخر، أن الاجتماع الإنساني لم يكن طبيعيا ولا ضروريا، ويمكن أن نستحضر في هذا الصدد المواقف التعاقدية التي أقرت بأن الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة المجتمع والسياسة كان عبر تعاقد اجتماعي. فقد كان الإنسان يعيش حالة سماها فلاسفة التعاقد الاجتماعي (جون لوك، باروخ اسبينوزا، توماس هوبز جان جاك روسو) بحالة الطبيعية، وهي حالة يختلف بخصوصها فلاسفة التعاقد، فهناك من يرى أن حالة حرب، وهناك من يرى أنها حالة حرية أمن، وهناك من يرى أن حالة الشهوات. وعلى العموم، فهم يتفقون في كون الإنسان قد انتقل من تلك الحالة التي هي حالة الطبيعة إلى حالة المدنية والاجتماع عبر عقد اجتماعي، الذي هو عبارة عن نظام سياسي واجتماعي وأخلاقي يقوم على اتفاق الأفراد فيما بينهم لتدبير الشأن العام بواسطة المؤسسات والقوانين.     ولتوضيح ضرورة الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة المدنية نستحضر قول واحد من فلاسفة التعاقد الاجتماعي وهو الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو. فقد ذهب هذا الأخير في كتابه العقد الاجتماعي، إلى أن أساس المجتمع هو اتفاق وتعاقد بين الناس، هو ما يصطلح عليه عادة بالعقد الاجتماعي. واقد انتقال الانسان إلى حالة المدنية لأن الأفراد في حالة الطبيعية كانت تغلب عليهم الأنانية، ولم يكونوا ليحصلوا الكثير من المزايا إلا بالانتقال إلى حالة المدنية. يقول روسو في هذا الصدد: “إنه وإن يكن قد حرم، في هذه الحال (حال المدنية) مزايا كثيرة استمدها من الطبيعة، فلقد اكتسب بدلا منها مزايا أخرى كبيرة: لقد انجلت قواه العقلية ونمت، وتسعت أفكاره، ونبلت عواطفه، وسمت نفسه كلها حتى إنه كان يجب عليه أن يبارك، بلا انقطاعـ الساعة السعيدة التي انتزعته منه تلك الحياة إلى الأبد، والتي جعلت منه كائنا ذكيا، ورجلا، بعد أن كان حيوانا بليدا محدود الفهم“.

مطلب التركيب:

        إن المتأمل في كل ما سبق، لا يمكن إلا أن يخلص إلى أن الإنسان كائن اجتماعي، سواء كان يميل إلى الاجتماع بطبيعته وفطرته كما ذهب إلى ذلك عبد الرحمان بن خلدون، والفيلسوف اليوناني أرسطو، أو بإرادته واختياره وانطلاقا من الاتفاق والتعاقد كما ذهب إلى ذلك فلاسفة التعاقد الاجتماعي. ومنه يمكن أن نؤكد على ضرورة المجتمع وأهميته، فهو بمثابة الحضن الذي يجد فيه الفرد الحماية والرعاية والأمن، وانطلاقا من هذا القول وجب التأكيد على ضرورة تأسيس المجتمع على أسس أخلاقية تضمن العيش المشترك وأسس سياسية تساهم في حفظ المصالح العامة وتدبير الأزمات والخلافات بين الأفراد.

وفي الأخير نتساءل: ما هي العلاقة بين الفرد والمجتمع؟

أخطاء منهجية تحليل نص فلسفي:

- يجب تجنب نسخ محتويات النص وترديد بعض محتوياته.

- يجب الاهتمام بجوهر وأساسيات النص وعدم الانسياق وراء العموميات التي يتحدث عنها النص.

- أفهم النص جيدا فسوء الفهم للنص هو إهمال وخروج عن التحليل الصحيح للنص يمكن أن يؤدي بك الى التحدث بشكل عمومي وسرد قضايا أخرى بعيدة عن النص.

- عند الاعتماد على حجج وبراهين أخرى يجب أن تكون موثقة حتى يتم تجنب السقوط في الأحكام الاعتباطية والمسبقة.

- عند التحليل يجب استخدام المسودة ففيها يتم وضع النقاط كرؤوس أقلام وبشكل مختصر جدا، ولكن ما بعد المسودة أي تحرير النص وتحليله يجب الابتعاد عن الاختصار بقدر الإمكان وأن لا تكتب بشكل رمزي فهذا لا يعتبر تحليلاً بذاته بل يصبح ضمن تلخيص النص.

 

يكون الموضوع جيدا إذا استوفى الشروط التالية:


1.      سلامة اللغة وخلوها من الأخطاء الإملائية.

2.       حسن الانتقال والتخلص من فكرة إلى أخرى.

3.       الحرص على تنظيم الورقة على شكل فقرات.

4.       الكتابة بلغة مقروءة وواضحة / انسجام وتماسك الفقرات/ احترام علامات الوقف والترقيم. 

 

تحميل  PDF

الأربعاء، 7 فبراير 2024

المادة: الفلسفة

الفئة المستهدفة: 2 باك " الشعبة الأدبية"

مجزوءة: المعرفة

مفهوم: مسألة العلمية في العلوم الإنسانية



نموذج تحليل قولة فلسفية  مرفقة بسؤال:

" إن العلوم الإنسانية تجد نفسها في وسط الطريق بين التفسير والتنبؤ"

حلل هذه القولة مبرزا المنهج الملائم لدراسة الظاهرة الإنسانية هل هو التفسير أم الفهم؟

المقدمة:

        حاول الإنسان منذ أن وجد فهم وتفسير الظواهر المحيطة به، لذلك يسمى بالكائن العارف، ولقد بدأت محاولاته الأولى في تفسير العالم منذ نشأة الفلسفة في اليونان التي تجاوزت التفسيرات الأسطورية (الميتوس)، وذلك من خلال اعتماد العقل والبرهان (اللوغوس)، لكن رغم هذه المحاولة إلا أن الفلسفة لم تستطع إعطاء حقائق يقينية نهائية نظرا التجريدي والتأملي. وهذا ما حاولت العلوم تداركه بانفصالها عن الفلسفة خلال القرن 17م، وقد حققت نتائج باهرة وذلك باعتماد النظرية (الرياضيات) والتجربة. وقد حاولت العلوم الإنسانية إنتاج معرفة علمية عن الإنسان، خلال القرن 19م، بعد انفصالها بدورها عن الفلسفة، لكن اعترضتها مجموعة من العوائق الإبستمولوجية، وأهمها تلك المتعلقة ب"المنهج". والقولة الماثلة أمامنا، تندرج ضمن هذا الإطار الإشكالي أي "مجال إنتاج المعرفة العلمية حول الإنسان". وتعالج بالتحديد قضية التفسير والفهم في العلوم الإنسانية." ويحيل على عدة مفارقات: الذات/الموضوع، التفسير/الفهم السبب/ النتيجة، الثابت / المتغير...

وبناء على هذه المفارقات نستنتج التساؤلات التالية:

ما هو المنهج الملائم لدراسة الظواهر الإنسانية؟ هل هو منهج الفهم؟ أم منهج التفسير؟ هل الظاهرة الإنسانية تفسر وبالتالي تخضع لقانون السببية مثلها في ذلك مثل الظاهرة الطبيعية؟ أم أن الظاهرة الإنسانية تفهم؟ نظرا لخصوصيتها؟ ألا يمكن حينما نستعمل منهج الفهم أن نسقط في الذاتية وبالتالي تغيب عنا الموضوعية التي هي أساس العلمية؟

مطلب التحليل:

           جوابا على هذه الأسئلة المطروحة أعلاه، يؤكد صاحب القولة على أن العلوم الإنسانية تتأرجح بين التفسير والتنبؤ، أي أنها تبقى وسط الطريق، عكس العلوم الحقة التي حققت تقدما بفضل عمليتي التفسير والتنبؤ، وهو الأمر الذي يجعل العلوم الإنسانية في وضعية إبستمولوجية غير مستقرة.

معنى ذلك أن الظاهرة الإنسانية لا يمكن تفسيرها، بطريقة منهجية، كما أن المشتغل في حقل العلوم الإنسانية لا يستطيع أن يعمم النتائج المتوصل إليها، أي انه لا يستطيع التنبؤ بالظاهرة

وقد استثمر صاحب القولة جملة من المفاهيم الفلسفية أهمها مفهوم العلوم الإنسانية، ويقصد بها العلوم التي تدرس الإنسان، كعلم الاجتماع وعلم النفس. والتي ظهرت خلال القرن 19م على يد الوضعيين أمثال (كونت، دوركهايم..)، وحاولت تأسيس معرفة علمية للظواهر النفسية والاجتماعية والتاريخية. وكذلك مفهوم التفسير الذي يقصد به الكشف عن الأسباب والعلاقات المتحكمة في ظاهرة ما. ومفهوم التنبؤ وهو افتراض حدوث ظاهرة محددة بناء على قانون سببي.

إن العلاقة بين هذه المفاهيم هي علاقة تقابل وتعارض. لأن العلوم الإنسانية تظل في وضعية ابستمولوجية بين التفسير والتنبؤ.

برجوعنا إلى القولة نجدها تؤكد على أن العلوم الإنسانية تظل في وضعية ابستمولوجية متأرجحة بين التفسير والتنبؤ، وبالتالي لا تستطيع أن تقتدي بالعلوم الطبيعية لأن هذه الأخيرة لا تستطيع أن تفسر وتنبؤ في نفس الوقت، وهذا ما تعجز عنه العلوم التي تعنى بالإنسان لأن وضعيتها الإبستمولوجية معقدة نظرا لتداخل الذات والموضوع أو ما يسميه بياجي ب " تمركز الذات حول ذاتها"، هذا من جهة، ومن جهة أخرى وقوف العالِم الإنساني في منتصف الطريق بين التفسير والتنبؤ.

ونجد لهذه القولة حضورا قويا عند الأنثروبولوجي الفرنسي كلود ليفي ستروس، الذي يؤكد على أن العلوم الإنسانية لم تستطع لحد الآن، المضي بعيدا، فهي لا تقدم سوى تفسيرات فضفاضة وعامة تفتقد للدقة والموضوعية اللازمة في مجال العلم الحق. كما أنها لا تستطيع التوقع بشكل يقيني وأكيد. والسبب في ذلك راجع إلى الوعي، فالوعي بالظاهرة الإنسانية مكن من تحقيق الفصل بين الذات والموضوع. لكن هذا الوعي يكون سلبيا في حالة الموضوع الملاَحظ، فالإنسان حينما يحس أنه موضوع ملاحظة تجريبية قد يغير ذلك من مسار التجربة ويؤثر على موضوع الدراسة.

فمثلا عندما حاول دوركهايم تفسير ظاهرة الانتحار من وجهة نظر اجتماعية، فإننا لا يمكن أن نقول بأن نظريته صحيحة مائة في المائة، رغم بيان أسباب الانتحار فإننا لا يمكن أن نقول بأن نظرية صحيحة مائة فالمائة رغم بيان أسباب الانتحار فإننا لا نستطيع القول إن التفسيرات التي قدمها دوركهايم ترقى لمستوى الحقيقة العلمية الموضوعية.

أما في العلوم الحقة فهي على العكس تماما فبفضل المنهج التفسيري نستطيع أن نكشف عن أسباب الظاهرة ونتنبأ بها في نفس الوقت. فمثلا تبخر الماء، دوران الكواكب، سقوط الأجسام، ظاهرة الكسوف والخسوف...

من خلال تحليل هذه القولة يتبين لنا إذن أنها تراهن على أن المنهج التفسيري تعترضه مجموعة من العوائق الإبستمولوجية أهمها عجزه عن التنبؤ، وعدم دقته تفسيراته، إذن نتساءل: هل هذا معناه أن الإنسان لا نستطيع تفسير سلوكه وبالتالي وجب فهمه وبالتالي فالمنهج التفهمي هو المنهج الملائم لدراسة العلوم الإنسانية؟

مطلب المناقشة:

         قبل الخوض في مناقشة هذه القولة لابد من التأكيد أولا على قيمتها الفلسفية والتاريخية. فهي تعبر بوضوح عن موقف بنيوي معاصر، يؤكد على المنهج التفسيري تعترضه صعوبات كما أنها تعبر عن رأي واحد من أهم المشتغلين في حقل العلوم الإنسانية وهو كلود ليفي ستروس، فهذا الموقف إذن يعبر عن موقف واحد من المشتغلين في حقل العلوم الإنسانية خاصة الأنثروبولوجيا الثقافية وقد مارس عمله في الميدان لمدة طويلة.

لكن رغم أهمية هذه القولة إلا أن هناك مجموعة من المواقف الأخرى، فمن جهة يؤكد الاتجاه الوضعي ( إميل دوركهايم، أوغست كونت) على أن الإنسان قابل للتحديد العلمي الدقيق مادام جزءا من الطبيعة لذلك فهو يخضع لقوانين الطبيعة ويقبل التجريب، لذلك في فإن الظاهرة الإنسانية قابلة للتفسير السببي مثلها مثل باقي العلوم وهو ما حاول دوركهايم تطبيقه على مجموعة من الظواهر الإنسانية التي درسها باعتماد مؤشرات إحصائية ودراسات ميدانية تجريبية وفي اتجاه آخر يحضر موقف كارل بوبر الذي يؤكد بدوره على صعوبة تطبيق منهج التفسير لأن في نظره المنهج الملائم هو منهج الفهم، لأن الإنسان يُفهم ولا يُفسر، والظواهر المرتبطة به ليست ثابتة، بل إنها متغيرة باستمرار في الزمان والمكان فهي تتميز بالحركة  والتغير والنسبية التاريخية، الشيء الذي يجعل منها ظواهر غير قابلة للتفسير العلمي والدراسة.

مطلب التركيب:

          من خلال تحليلنا ومناقشتنا للقولة نخلص إلى أن إشكالية التفسير والفهم في العلوم الإنسانية قد أفرزت مجموعة من المواقف المتعارضة، فمن جهة يوكد صاحب القولة على صعوبة التفسير السببي، إلا أنه من جهة أخرى يعتبره الوضعيون منهجا مناسبا، أما كارل بوبر فإنه يعتبر أن المنهج المناسب هو منهج الفهم وليس منهج التفسير وربما هو الموقف الذي يثبت صحته نظرا لأن الإنسان كائن متعدد الأبعاد. وليس كائنا ذو بعد واحد كما يقول الفيلسوف الأمريكي هربرت ماركيوز. وفي الأخير نتساءل: هل معيار قياس علمية النظريات في العلوم الإنسانية هو مقارنتها بالعلمية الخاصة بالعلوم الحقة؟

الجوانب الشكلية :  تنظيم الورقة +  اللغة + تماسك الموضوع

 

 


الثلاثاء، 30 يناير 2024

منهجية تحليل سؤال إشكالي مفتوح 2 باك

 

الفئة المستهدفة: 2 باك " جميع الشعب"

المادة: الفلسفة

المجزوءة:  المعرفة



ما المقصود بالسؤال الإشكالي المفتوح؟

تعريف: السؤال الإشكالي المفتوح تساؤل فلسفي يتضمن مفارقة واحدة، ويحيل على موقفين فلسفيين أو علميين مختلفين على الأقل. يتميز السؤال الإشكالي عن السؤال العادي أو المعرفي ب:

الإحالة المباشرة أو غير المباشرة على أكثر من موقف فلسفي أو علمي.

تضمنه لمفارقة أو أكثر (هذا مع العلم أن الصيغة التي يطرح بها قد تكون متضمنة للمفارقة، كما يمكن حذف أحد طرفيها، إلا أنه أثناء الإجابة يجب استحضارها.

كيف أجيب عن السؤال الإشكالي المفتوح؟

ملاحظة: السؤال الإشكالي: هو الاختيار الأول من ضمن الاختيارات الثلاثة التي يأتي بها الامتحان.

يحيل السؤال، بشكل مباشر أو غير مباشر، على موقف فلسفي أو علمي من المواقف المكونة للمقرر.

يأتي السؤال منفرد دون أن يرفق بشيء آخر، فهو في حد ذاته سؤال يحتاج إلى جواب (التحليل والمناقشة)

على مستوى المعالجة، يتم تتبع نفس خطوات تحليل النص والقولة، مع وجود بعض الاختلافات.

أثناء معالجة السؤال، يجب   جنب العبارات: نعم، لا، فهذه صيغ تقريرها يرفضها السؤال.

من أجل تحليل السؤال الإشكالي المفتوح نقوم باتباع الخطوات التالية:

أولا: مطلب الفهم

نقوم فيه ب:

1.تمهيد مناسب للسؤال: تأطير عام له، يتم الأخذ فيه بعين الاعتبار موضوعه ومجال انتمائه (المجزوءة والمفهوم)

2. توسيع السؤال الإشكالي: اعتباره السؤال الأصل، ثم محاولة صياغة أسئلة فرعية انطلاقا منه، وذلك لغرض تحديد الإشكالية الواردة فيه. (تحديد أبعاد السؤال الأصلي)

ثانيا: مطلب التحليل

1.شرح المفاهيم والمفردات المكونة للسؤال، مع تبيان العلاقات الموجودة بينها.

2.تحديد الأطروحة أو الأطروحات التي يحيل عليها السؤال مع شرحها وتوضيحها (تلافيا للوقوع في الخطأ، يستحسن عدم ذكر أصحابها، حتى ولو كانت تتشابه مع مواقف سبق لك الوقوف عليها في الدرس)

3.البناء الحجاجي للمضامين الفلسفية مع إمكانية افتراض حجج واقعية (براهين واستدلالات واقعية وعقلية/ أدلة وصفية وتاريخية/ أمثلة/ شهادات وأقوال الفلاسفة)

ملحوظة: في السؤال لا يتم تقديم أساليب بلاغية أو روابط لغوية ومنطقية.

ثالثا: مطلب المناقشة:

في المناقشة ينبغي فتح حوار بين الأطروحات التي يحيل عليها السؤال، وذلك لإبراز ما يلي:

وضع تمهيد قبل عرض المواقف لربط التحليل بالمناقشة.

ملحوظة: في السؤال هناك نوع واحد من المناقشة هو المناقشة الخارجية.

رابعا: مطلب التركيب  

نقوم في هذا المستوى بالعمليات التالية:

1.خلاصة موجزة ومركزة للأفكار والآراء التي تم التطرق لها في اللحظات السابقة.

2.إبداء الرأي في الموضوع مع تبرير ذلك بحجج وأدلة دامغة.

الجوانب الشكلية: يكون الموضوع جيدا إذا استوفى الشروط التالية:

1.سلامة اللغة وخلوها من الأخطاء الإملائية.

2.حسن الانتقال والتخلص من فكرة إلى أخرى.

3.الحرص على تنظيم الورقة على شكل فقرات.

4.الكتابة بلغة مقروءة وواضحة / انسجام وتماسك الفقرات/ احترام علامات الوقف والترقيم.

    نموذج تطبيقي:

 

السؤال: هل تتأسس النظرية على العقل أم على التجربة؟

 

مطلب الفهم: 4ن

وجب تأطير السؤال ضمن إطاره العام المتعلق بمجزوءة المعرفة، ثم مجاله الخاص المرتبط بمفهوم النظرية والتجربة ثم تحديد القضية الأساسية التي يعالجها وهي قضية التجربة والتجريب، وتضمين ذلك في شكل تمهيد مناسب يتضمن مفارقة. أي لابد أن يعطي التمهيد المبررات الكافية لطرح الإشكالية تعطي المبرر الكافي لطرح الإشكالية المتعلقة بالتجربة والتجريب.

           التمهيد:

         انطلاقا من المفاهيم المتضمنة في هذا السؤال الفلسفي قيد الاشتغال (العقل، النظرية، التجربة ...) يتضح لنا أنه يتموضع داخل مجال مجزوءة المعرفة، والتي تتناول القضايا الإشكالية والمنهجية المتعلقة بمجال العلوم. والمعرفة تقتضي ثلاث شروط أساسية، الذات العارفة، وموضوع المعرفة والمنهج العلمي. وقد تطورت المعرفة الإنسانية من معرفة قائمة على الحس كما هو الأمر مع التفسيرات الأسطورية البدائية للطبيعة، ثم انتقل اليونان بعدها للنظر للطبيعة نظرة عقلانية قائمة على اللغوس، لكن هذا التفسير اليوناني للكون كان ذا طابع ميتافزيقي (إهمال التجربة) وإحيائي (تشبيه الطبيعة بالكائن الإنساني). وهو ما عطل العلم قرونا عديدة خاصة مع هيمنة الكنيسة في أوروبا ودفاعها عن الحقيقة الدينية كتفسير وحيد للعالم. لكن مع ظهور الحداثة خلال القرن 17، ستنفصل العلوم عن الفلسفة وتؤسس لنفسها مناهجها الخاصة. وقد تم الاعتماد على منهجين أساسين، أول منهج استقرائي قائم على التجربة، ومنهج استنباطي قائم على العقل الرياضي. وهو موضوع هذا السؤال الماثل أمامنا، والذي يعالج مفهوم " النظرية والتجربة." بالتحديد قضية العقلانية العلمية. والتي تعني قدرة العقل على المعرفة وتفسير الظواهر وبلوغ الحقيقة.

المفارقة: لكن كما رأينا فهذا المفهوم يطرح عدة مفارقات: العقل / التجربة. المنهج الاستنباطي/ المنهج الاستقرائي. الحس/ العقل.

الإشكالية: هذه المفارقات تدفعنا لإعادة طرح السؤال على الشكل التالي: هل تتأسس النظرية على العقل؟ أم على التجربة؟ أم عليهما معا؟ وهل العقلانية العلمية هي عقلانية مطلقة ومنغلقة ومجردة؟ أم أنها عقلانية نسبية ومنفتحة ومطبقة؟

مطلب التحليل: 5ن

في التحليل نقوم بتحليل ألفاظ ومفاهيم السؤال، ونستخرج الأطروحة أو الأطروحات الضمنية أو المصرح بها في السؤال، ثم نقوم بالتوسع في أطروحة السؤال، وبنائها مضامينها الفكرية والحجاجية.

يمكن وضع خلاصة جزئية في نهاية التحليل وسؤال للانتقال نحو مطلب المناقشة.

شرح ألفاظ ومفاهيم السؤال والعلاقة بينها.

        إذن كخطوة أولية لمقاربة الإشكال الذي ينطوي عليه السؤال المطروح ومناقشة إشكالياته المطروحة أعلاه يقتضي الأمر الحسم مع الحروف والألفاظ والمفاهيم المؤثثة لبنيته حيث نجد أنه يفتتح بحرف استفهام هل يحمل في طياته سؤال استفهام للتخيير بين قضيتين متقابلتين يحتمل الإجابة عنها إما بنعم أو لا. أما مفهوم النظرية فيقصد به: مجموع الأطروحات والقوانين التي تؤسس نسقا متكاملا في مجال معين (الفيزياء مثلا).  أما مفهوم التجربة فيعني: اللحظة المنهجية التي يتم فيها اختبار الفرضيات العلمية. أما العقل: فيقصد به المبدأ العام الذي يضفي الوحدة والنظام على كل المعارف والمعطيات الحسية. وتكمن العلاقة بين هذه المفاهيم في أنها علاقة تقابل، نظرا لإحالة التجربة على ما هو حسي من جهة، ثم إحالة العقل على ما هو نظري.

وهو ما يفضي بنا إلى أطروحتين فلسفيتين يحيل عليهما السؤال: الأولى تؤكد على أهمية العقل في تأسيس النظرية العلمية. والثانية تؤكد على دور التجربة في تأسيس النظرية العلمية. سنعتبر الأطروحة القائلة بأهمية التجربة هي الأطروحة الرئيسية.

فالتجربة هي الأساس الوحيد لتأسيس النظرية، مادام العقل صفحة بيضاء يملأ بالتجارب الحسية. إن كل الحقائق التي تم التوصل إليها كالجاذبية والحركة والتحولات الكيميائية وغيرها، إنما كانت بفضل التجارب التي قام بها العلماء، الذين تجاوزوا التأملات الميتافزيقية التي كان يقوم بها الفلاسفة في السابق، وأسسوا بذلك لمعرفة قائمة على المنهج الاستقرائي لذي يؤكد على أن المعرفة تبني من أسفل (يعني الظواهر التجريبية)، (نحو الأعلى يعني القوانين العلمية). ونجد هذا التصور حاضرا لدى الكثير من العلماء والفلاسفة التجريبيين أمثال كلود برنار مثلا، الذي عرف بدفاعه عن المنهج التجريبي، باعتبار الأساس الأولي لكل معرفة علمية والذي صاغ خطواته الأساسية:

أولا: الملاحظة: حيث يلاحظ العالم الظاهرة المراد دراستها. ثانيا: الفرضية: حيث يفترض تفسيرا أولا للظاهرة. ثالثا: التجربة: حيث يتحقق العالم من هذه الفرضية عبر التجربة وهي أهم مرحلة في هذا المنهج، حيث يجب على العالم أن يكون بمثابة آلة تصوير تصور كل الجزئيات المتعلقة بالتجربة. رابعا: استنتاج القانون العلمي: حينما تتطابق التجربة مع الفرضية، في حالة العكس يعيد العالم النظر في الفرضية ويصوغ فرضية جديدة.

ويمكن دعم هذا الموقف بعدة أمثلة من تاريخ العلم: فمثلا كل الاكتشافات العلمية خلال العصر الكلاسيكي للعلم، أي القرن 17 و 18م كان نتيجة المنهج التجريبي. بدءا بالنظريات الفلكية مع كبلر وغاليلي ونيوتن. ثم النظريات في مجال الكيمياء مع لافوازييه أو في مجال البيولوجيا مع داروين. كان المنهج التجريبي هو الوسيلة لبناء هذه المعارف العلمية.

يمكن القول إذن أن المنهج التجريبي هو الأساس لبناء النظرية العلمية. لكن هل المنهج التجريبي مازال قادرا على دراسة الظواهر الجديدة المعقدة في مجال الفيزياء مثلا؟

مطلب المناقشة: 5ن  

ينفتح التلميذ على مواقف معارضة لأطروحة السؤال. وفتح النقاش بينها وبين تصورات فلسفية معارضة أو مؤيدة.

 

    رغم أهمية الموقف التجريبي، إلا أن الظواهر ستتعقد في مجال العلم، بدءا من المنتصف الثاني من القرن 19 مع اكتشاف الذرة وعوالمها الميكروسكوبية، أو في ظل الظواهر الفلكية المايكروسكوبية، لذلك سيتصدع المنهج التجريبي الكلاسيكي، وسترتفع أسهم المنهج العقلاني، القائم على الخيال الرياضي، والذي يعطي الأهمية للقوانين الرياضية على المعطيات الإمبريقية التجريبية.

 أما ألبرت أينشتاين  فيؤكد على أن النظريات العلمية هي إنتاجات حرة للعقل البشري، فالعقل هو الذي يضفي على المعرفة العلمية تماسكها المنطقي، أما المعطيات التجريبية فهي مطالبة بأن تكون مطابقة للقضايا الناتجة عن العقل. فالعقل الرياضي وحده كفيل بتفسير الظواهر الطبيعيةـ دون حاجة إلى التجربة، التي لا تلعب غلا دور المرشد من جهة، والمطبق للفرضيات العقلية من جهة أخرى. يقول أينشتاين: " إن المبدأ الخلاق في العلم لا يوجد في التجربة، بل في العقل الرياضي.". في ظل هذا التضارب، ألا يمكن القول أن الحوار بين العقل والتجربة هو الأساس لبناء العلم، وليس الصراع بين المنهجين العقلاني والتجريبي. هذا الموقف هو الذي سيؤكد عليه الإبستمولوجي الفرنسي، غاستون باشلار الذي ينتقد كلا النزعتين التجريبية والعقلانية، ويرفض اعتبار الواقع المصدر الوحيد لبلوغ النظرية العلمية، كما يرفض اعتبار العقل مكتفيا بذاته في بناء المعرفة العلمية. ويرى أنه لا يمكن تأسيس العلوم الفيزيائية دون الدخول في حوار بين العقل والتجربة. فلا يمكن في نظره بناء النظرية على العقل وحده أو على التجربة وحدها. يقول: " لا توجد عقلانية فارغة، كما لا توجد مادية عمياء".

مطلب الخاتمة:            

يُنتظر في هذه اللحظة أن يستنتج التلميذ نتائج وخلاصات حول ماتم تحليله ومناقشته. والإشارة إلى أهمية الإشكالية، وأخيرا مع الإدلاء برأيه الشخصي حول الموضوع والتأكيد على الطابع النسبي للفكر الفلسفي والعلمي.

     من خلال تحليلينا ومناقشتنا للسؤال الفلسفي أعلاه يتبين أن إشكالية العقلانية العلمية، قد أفرزت مجموعة من التصورات الفلسفية المتعارضة: فمن جهة يذهب الاتجاه الأول إلى أهمية التجربة في بناء النظرية العلمية. أما الاتجاه الثاني: فيؤكد على دور العقل الرياضي في تأسيس النظرية العلمية. أما غاستون باشلار فيؤكد على تصور توفيقي بين كلا الأطروحتين ويؤكد العلم المعاصر لا يؤمن بأي نزعة مغلقة سواء كانت تجريبية أو عقلانية لأن الحوار الجدلي بين العقل الرياضي والتجربة في المختبر هو ما يؤسس للنظرية العلمية.

وهو الموقف الذي نجده منسجما مع موقفنا من الإشكالية، لأن مجال العلم ليس مجال عقائد منغلقة بل هو مجال مفتوح لأن المعرفة العلمية معرفة مطلقة لكنها منفتحة على النسبية والتطور والخلق المستمر.

وفي الأخير نتساءل: كيف يمكن أن نتحقق من صدق وعلمية النظرية العلمية؟ بمعنى متى يمكننا القول إن النظرية العلمية خاطئة او صحيحة؟

الجوانب الشكلية: 3ن

يتم التركيز فيها على 3 شروط أساسية:

سلامة اللغة والخط 1ن

التماسك المنطقي للإنشاء 1ن

نظافة الورقة وتنظيمها 1ن