‏إظهار الرسائل ذات التسميات مفهوم المجتمع. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مفهوم المجتمع. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 30 أبريل 2024

نموذج تحليل نص فلسفي

 

الفئة المستهدفة: 1 باك " جميع الشعب"

المادة: الفلسفة

المجزوءة: الإنسان

نص ابن خلدون حول ضرورة الاجتماع البشري


 

إن الاجتماع الإنساني ضروري، ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم “الإنسان مدني بالطبع”، أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدنية في اصطلاحهم، وهو معنى العمران. وبيانه أن الله  -سبحانه- خلق الإنسان وركبه على صورة لا يصح حياتها وبقاؤها إلا بالغذاء، وهداه إلى التماسه بفطرته وبما ركب فيه من القدرة على تحصيله. إلا أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته من ذلك الغذاء غير موفية له بمادة حياته، ولو فرضنا منه أقل ما يمكن فرضه وهو قوت يوم من الحنطة مثلا فلا يحصل إلا بعلاج كثير من الطحن والعجن والطبخ. وكل واحد من هذه الأعمال الثلاثة يحتاج إلى مواعين وآلات لا تتم إلا بصناعات متعددة من حداد ونجار…

وكذلك يحتاج كل واحد منهم أيضا في الدفاع عن نفسه إلى الاستعانة بأبناء جنسه، لأن الله سبحانه لما ركب الطباع في الحيوانات كلها وقسّم القدر بينها، جعل حظوظ كثير من الحيوانات العجم من القدرة أكمل من حظ الإنسان. فقدرة الفرس، مثلا، أعظم بكثير من قدرة الإنسان، وكذا قدرة الحمار والثور، وقدرة الأسد والفيل أضعاف من قدرته. ولما كان العدوان طبيعيا في الحيوان جعل لكل واحد منها عضوا يختص بمدافعته ما يصل إليه من عادية غيره، وجعل للإنسان، عوضا من ذلك كله، الفكر واليد. فاليد مهيئة للصنائع بخدمة الفكر، والصنائع تحصل له الآلات التي تنوب له عن الجوارح المعدة في سائر الحيوانات للدفاع مثل الرماح التي تنوب عن القرون الناطحة…

 ولابد في ذلك كله من التعاون عليه بأبناء جنسه، وما لم يكن هذا التعاون فلا يحصل له قوت ولا غذاء ولا تتم حياته، لما ركبه الله تعالى عليه من الحاجة إلى الغذاء في حياته، ولا يحصل له أيضا دفاع عن نفسه لفقدان السلاح، فيكون فريسة للحيوانات ويعاجله الهلاك…

فإذن هذا الاجتماع ضروري للنوع الإنساني وإلا لم يكمل وجودهم، وما أراده الله من اعتمار العالم بهم واستخلافه إياهم وهذا هو معنى العمران الذي جعلناه موضوعا لهذا العلم.

 

عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة، تحقيق درويش الجويدي، المكتبة العصرية – بيروت، الطبعة الثانية 2000، ص: 46-47

مطلب الفهم: المقدمة:

         انطلاقا من المفاهيم المتضمنة في هذا النص الفلسفي قيد الاشتغال (الاجتماع البشري،المدنية، الإنسان

 ...) يتضح لنا أنه يتموضع داخل مجال مجزوءة الإنسان، والذي يقصد به الكائن العاقل والقادر على التمييز بين الخير والشر، وهو كائن متعدد الأبعاد ( وعي، رغبة ، مجتمع...) وهو من القضايا الكبرى في تاريخ الفلسفة منذ ظهورها في اليونان، فهو حيوان سياسي عند أرسطو، ومقياس كل شيء عند السفسطائيين، و كائن مفكر عند ديكارت وحيوان ميتافزيقي عند شوبنهور ...الخ. ويتأطر االنص تحديدا ضمن مفهوم المجتمع: وهو " تجمع للناس في إطار علاقات متبادلة وقيم ومعايير اجتماعية، تنظمهم مؤسسات ويتقاسمون هوية ثقافية مشتركة ويتبادلون مصالح مشتركة."، وبالتمعن في النص الماثل أمامنا نجده يسلط الضوء على إشكالية أساس المجتمع وبذلك فهو يفضي الى مفارقة واضحة تتمثل في أن الإنسان حينما يولد كفرد مستقل لكن يجد نفسه في إطار جماعة. فالبعد الطبيعي في الإنسان هو حاجته إلى الآخر، لكن قد يعيش منعزلا أحيانا. إذن استنادا إلى هذه المفارقة الفلسفية يمكننا طرح مجموعة من الاشكالات من قبيل: كيف ينشأ المجتمع الإنساني؟ هل على أساس فطري طبيعي؟ أم على أساس ثقافي مكتسب؟

مطلب التحليل:

         جوابا عن الإشكال لمطروح أعلاه يقدم النص أطروحة فلسفية مفادها: أن أساس الاجتماع البشري هو أساس طبيعي وضروري، فالإنسان لا يستطيع تحقيق حاجاته بمعزل عن الآخرين. يعتبر الاجتماع الإنساني أو ما يسمى بالعمران البشري حياة جماعية للأفراد، تنبني على التعاون والتضامن من توفير الغداء والأمن والاستقرار، ولا يستطيع الفرد لوحده أن يحقق لنفسه هذه الاحتياجات دفعة واحدة، لأن طبيعة الفرد تد فعه إلى التعاون والتعايش ضمن مجال مشترك مع الآخرين لذلك يمكن القول إن الإنسان مدني أو اجتماعي بفطرته.

وقد وظف صاحب النص مجموعة من المفاهيم الفلسفية نذكر منها:

الاجتماع الإنساني: وهو تجمع البشر في إطار مجتمع منظم وفقا لفطرتهم التي فطرهم الله عليها.

المدنية: بمعنى حالة التمدن والتحضر وهي نقيض التوحش والحيوانية.

الإنسان: كائن مدني بطبعه بمعنى اجتماعي، لا يستطيع العيش خارج إطار المجتمع.

العلاقة التي تربط هذه المفاهيم هي علاقة تكامل وانسجام لأن الإنسان كائن مدني بطبعه وبفطرته التي فطره الله عليها.

وإقناعنا بصواب أطروحته اعتمد صاحب النص مسلكا حجاجيا، يمكن أن نميز فيه بين العمليات التالية:

- المثال : حاول النص بيان موقفه بمثالين يتلخص الأول في التعاون من أجل تحصيل قوت يوم. والمغزى المقصود من وراء توظيف هدا المثال هو إثبات أطروحته. وتعلق المثال الثاني بالتعاون من أجل الدفاع عن النفس والسيطرة على الطبيعة ويؤدي هدا المثال نفس الوظيفة التي أداها المثال الأول.

_ بالحجاج المستند إلى سلطة حاول النص الدفاع عن أطروحته باعتماد حجة نقلية تتمثل في الاستشهاد بالقول الفلسفي للفلاسفة القدماء (أفلاطون أرسطو) فقد عمد النص إلى ذلك لأجل الإقناع. والقول الذي تم الاستشهاد به هو "الإنسان مدني بالطبع".

مطلب المناقشة:

           يتبين مما سبق إن الدافع إلى تأسيس المجتمع دافع فطري اقتضته طبيعة الإنسان، وتتجلى القيمة الفلسفية لأطروحة النص في التركيز على البعد الفطري للاجتماع الإنساني، أما من الناحية التاريخية فالنص نموذج لتصور الفكر الإسلامي لمسألة الاجتماع الإنساني، وهو الفكر الذي تأثر بالفلسفة اليونانية، وابن خلدون حاول تأسيس علم يفهم تطور التاريخ والمجتمع الإنساني. لكن إلى أي حد يمكن القبول بهذا التصور كإجابة وحيدة ممكنة لمعالجة الإشكال المطروح؟ أليست هناك تصورات فلسفية أخرى مدعمة او معارضة لهدا التصور؟      في سياق الإجابة عن التساؤل يمكن أن نقف عند التصور اليوناني والدي استشهد به صاحب النص ويتعلق الأمر بأرسطو Aristoteيؤكد هذا الفيلسوف أن الإنسان اجتماعي بفطرته، لذلك يعتبر المجتمع استجابة تلقائية للفطرة الإنسانية، إن الإنسان يميل إلى التعاون والتآزر قصد تلبية حاجياته الأساسية، من هنا نشأت قرى ومدن ودول وهذه التجمعات تمثل تحقيق للذات الإنسانية وإكمالا لماهية الإنسان.

ومن منطلق آخر، أن الاجتماع الإنساني لم يكن طبيعيا ولا ضروريا، ويمكن أن نستحضر في هذا الصدد المواقف التعاقدية التي أقرت بأن الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة المجتمع والسياسة كان عبر تعاقد اجتماعي. فقد كان الإنسان يعيش حالة سماها فلاسفة التعاقد الاجتماعي (جون لوك، باروخ اسبينوزا، توماس هوبز جان جاك روسو) بحالة الطبيعية، وهي حالة يختلف بخصوصها فلاسفة التعاقد، فهناك من يرى أن حالة حرب، وهناك من يرى أنها حالة حرية أمن، وهناك من يرى أن حالة الشهوات. وعلى العموم، فهم يتفقون في كون الإنسان قد انتقل من تلك الحالة التي هي حالة الطبيعة إلى حالة المدنية والاجتماع عبر عقد اجتماعي، الذي هو عبارة عن نظام سياسي واجتماعي وأخلاقي يقوم على اتفاق الأفراد فيما بينهم لتدبير الشأن العام بواسطة المؤسسات والقوانين.     ولتوضيح ضرورة الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة المدنية نستحضر قول واحد من فلاسفة التعاقد الاجتماعي وهو الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو. فقد ذهب هذا الأخير في كتابه العقد الاجتماعي، إلى أن أساس المجتمع هو اتفاق وتعاقد بين الناس، هو ما يصطلح عليه عادة بالعقد الاجتماعي. واقد انتقال الانسان إلى حالة المدنية لأن الأفراد في حالة الطبيعية كانت تغلب عليهم الأنانية، ولم يكونوا ليحصلوا الكثير من المزايا إلا بالانتقال إلى حالة المدنية. يقول روسو في هذا الصدد: “إنه وإن يكن قد حرم، في هذه الحال (حال المدنية) مزايا كثيرة استمدها من الطبيعة، فلقد اكتسب بدلا منها مزايا أخرى كبيرة: لقد انجلت قواه العقلية ونمت، وتسعت أفكاره، ونبلت عواطفه، وسمت نفسه كلها حتى إنه كان يجب عليه أن يبارك، بلا انقطاعـ الساعة السعيدة التي انتزعته منه تلك الحياة إلى الأبد، والتي جعلت منه كائنا ذكيا، ورجلا، بعد أن كان حيوانا بليدا محدود الفهم“.

مطلب التركيب:

        إن المتأمل في كل ما سبق، لا يمكن إلا أن يخلص إلى أن الإنسان كائن اجتماعي، سواء كان يميل إلى الاجتماع بطبيعته وفطرته كما ذهب إلى ذلك عبد الرحمان بن خلدون، والفيلسوف اليوناني أرسطو، أو بإرادته واختياره وانطلاقا من الاتفاق والتعاقد كما ذهب إلى ذلك فلاسفة التعاقد الاجتماعي. ومنه يمكن أن نؤكد على ضرورة المجتمع وأهميته، فهو بمثابة الحضن الذي يجد فيه الفرد الحماية والرعاية والأمن، وانطلاقا من هذا القول وجب التأكيد على ضرورة تأسيس المجتمع على أسس أخلاقية تضمن العيش المشترك وأسس سياسية تساهم في حفظ المصالح العامة وتدبير الأزمات والخلافات بين الأفراد.

وفي الأخير نتساءل: ما هي العلاقة بين الفرد والمجتمع؟

أخطاء منهجية تحليل نص فلسفي:

- يجب تجنب نسخ محتويات النص وترديد بعض محتوياته.

- يجب الاهتمام بجوهر وأساسيات النص وعدم الانسياق وراء العموميات التي يتحدث عنها النص.

- أفهم النص جيدا فسوء الفهم للنص هو إهمال وخروج عن التحليل الصحيح للنص يمكن أن يؤدي بك الى التحدث بشكل عمومي وسرد قضايا أخرى بعيدة عن النص.

- عند الاعتماد على حجج وبراهين أخرى يجب أن تكون موثقة حتى يتم تجنب السقوط في الأحكام الاعتباطية والمسبقة.

- عند التحليل يجب استخدام المسودة ففيها يتم وضع النقاط كرؤوس أقلام وبشكل مختصر جدا، ولكن ما بعد المسودة أي تحرير النص وتحليله يجب الابتعاد عن الاختصار بقدر الإمكان وأن لا تكتب بشكل رمزي فهذا لا يعتبر تحليلاً بذاته بل يصبح ضمن تلخيص النص.

 

يكون الموضوع جيدا إذا استوفى الشروط التالية:


1.      سلامة اللغة وخلوها من الأخطاء الإملائية.

2.       حسن الانتقال والتخلص من فكرة إلى أخرى.

3.       الحرص على تنظيم الورقة على شكل فقرات.

4.       الكتابة بلغة مقروءة وواضحة / انسجام وتماسك الفقرات/ احترام علامات الوقف والترقيم. 

 

تحميل  PDF

الثلاثاء، 23 فبراير 2021

المحور الأول: أساس المجتمع

 


  الفئة المستهدفة: 1 باك " جميع الشعب"

المادة: الفلسفة

المجزوءة: الإنسان



إشكالية المحور: ما أساس المجتمع ؟ هل هو أساس طبيعي فطري؟ أم أساس ثقافي مكتسب ؟

التصور الطبيعي للمجتمع: أساس الاجتماع الإنساني فطري وطبيعي في الإنسان

أطروحة أرسطو:

بخصوص الأساس الطبيعي لنشأة المجتمع دافع أرسطو عن الأطروحة القائلة بأن الإنسان مدني بطبعه ، أي أن للإنسان قابلية فطرية للاجتماع، فالمجتمع من حيث هو تجمع للناس ضمن جماعة سياسية منظمة بقوانين إنما يندرج ضمن منطق طبيعي حيث يحصل التنامي انطلاقا من الخلية الأسرية من حيث هي اتحاد جنسين مختلفين من أجل الحفاظ على النوع البشري فالقرية باعتبارها اتحادا للعديد من الأسر أو البيوت وأخيرا المدينة بكونها تجمعا للقرى حول مركز إداري مشترك، فإن سيرورة التمركز تتم في شكل نمو عضوي ( طبيعي ) مما يجعل المجتمع شيئا طبيعيا. والواقع أن غاية هذه التجمعات وتحصيل سعادة العيش ضمن الجماعة وتحقيق الاكتفاء الذاتي. إن القول بأن الإنسان حيوان اجتماعي، إنما يبرز أن كمال الإنسان لا يتحصل سوى ضمن الجماعة وبذلك يستجيب المجتمع لحاجة أولية، وميل أساسي لدى الإنسان، فيظهر أن اجتماعية الإنسان هي من الأساس استعداد طبيعي. في السياق ذاته يؤكد ابن خلدون أن الاجتماع البشري أو العمران هو أمر ضروري، من حيث إن الإنسان يكون في حاجة إلى التعاون مع أبناء جنسه من أجل تحصيل الغذاء والدفاع عن النفس، بيد أنه يعتبر ضرورة الاجتماع تجسيدا لإرادة إلهية في إعمار الأرض واستخلاف الإنسان فيها وهذا ما يمكن اعتباره أساسا لاهوتيا اجتماعيا، لكن إذا كان المجتمع ذا أساس طبيعي، فكيف نفسر تلك التوترات والصراعات الناجمة عن تجمع الناس، ألا يبدو ذلك متناقضا؟ ومن تم ألا يبرز ذلك إن كان وجود أساس آخر للاجتماع البشري؟

أطروحة ابن خلدون:

يذهب ابن خلدون إلى أن أساس الاجتماع البشري ضروري وطبيعي، ويكون بالفطرة والطبيعة وليس بالاتفاق والتعاقد والتواضع؛ لأن الإنسان مدني بطبعه. ويحتاج إلى الآخرين من أجل تحقيق حاجياته الأساسية في العيش، والدفاع عن نفسه من كل ما يهدد وجوده.

- المظاهر التي تفسر ضرورة الاجتماع عند ابن خلدون :

أ‌- المظهر الاقتصادي: توفير متطلبات الحياة وتحصيل القوت.

ب‌- المظهر الدفاعي: الدفاع عن النفس لا يتم إلا بتضافر جهود أفراد المجتمع وتعاونهم.

من هنا ضرورة العيش داخل مجتمع تربط بين أفراده علاقات تآزر وتعاون

أطروحة جون جاك روسو:

تحلیل نص جون جاك روسو: المجتمع تعاقد

إشكال النص: ما هو أساس المجتمع؟ هل أساسه اتفاقي تعاقدي أم ضروري طبیعي ؟

أطروحة النص:

أساس المجتمع تعاقدي، إنه اتفاق بین الأفراد حول وضع قوانین تعبر عن ارادتهم الحرة في التعایش من خلال العقد الإجتماعي، الذي هو نظام یدبر من خلاله الأفراد شؤونهم العامة من طرف مؤسسات منتخبة.

مفاهیم النص:

  • حالة الطبیعة: هي حالة مفترضة تتمیز بغیاب القوانین والمؤسسات والروابط الاجتماعية بین الأفراد.
  • الحالة المدنیة: هي الحالة التي أصبح الإنسان یعیش فیها مع بقیة الأفراد وفقا لقوانین ومبادئ منظمة تتجسد في العقد الإجتماعي.
  • العقد الإجتماعي: هو نظریة تقول بأن النظام الإجتماعي یقوم على اتفاق إرادي بین مختلف الأفراد المكونین له حول قوانین ومبادىء ینظمون بها شؤونهم العامة.
  • الحریة الطبیعیة: هي الحق الذي یملكه الفرد في أن یفعل كل ما یراه نافعا له ویضمن بقاءه واستمراریته.
  • الحریة المدنیة: هي التصرف وفقا لمبادئ العقد الإجتماعي الذي یعبر عن الحریة العامة للأفراد.

حالة الطبیعة   ( الغابة)

حالة المدنیة ( المجتمع)

الوهم الفطري (الغریزة)

فقدان الأدب (الأخلاق)

المحرك الجسماني

الشهوة

الفردانیة

المیول الفطري

البلادة + محدودیة الفهم

شراسة الطبع و خشونة العواطف

الحریة الطبیعیة (الحق الطبیعي)

العدل (القوانین)

امتلاك الأدب (الأخلاق)

صوت الواجب

الحق

مصلحة الجماعة

المبادئ العقلیة

الذكاء + نمو القدرات العقلیة + اتساع الأفق الفكري

سمو النفس ونبل العواطف

الحریة المدنیة (العقد الإجتماعي)

 

هكذا یتبین مع روسو أن تأسیس المجتمع جاء نتیجة اتفاق بین الأفراد وتعاقدهم على قوانین وقواعد منظمة لحیاتهم الإجتماعیة، وقادرة على تحقیق الأمن والإستقرار الذّي افتقده الإنسان حینما خرج من حالة الطبیعة كحالة خیر وسلام وحریة إلى حالة أخرى تمیزت بالفوضى والصراع والشر. ولكن مع ذلك یسجل روسو مجموعة من المزایا التي اكتسبها الإنسان في حال المدنیة وكانت تعوزه من قبل، مثل اكتسابه لمعارف متنوعة، و تشریعه لقوانین أخلاقیة وسیاسیة منظمة، وحلول العقل في حیاته محل الشهوة والمیولات الغریزیة.

 تركيب:

مهما كان هناك تعارض بين الأساس الطبيعي والثقافي للاجتماع البشري فإن من شأن هذين الأساسين أن يتكامل على اعتبار أن الإنسان محكوما بالاستعداد أو قابلية فطرية للاجتماع لكن ذلك قد لا يكون كافيا لتحقيق مجتمع منسجم مما يفرض التعاقد حول قواعد وقوانين تحصن المجتمع وتضمن أمنا وسلامة وأفراده لكن كيف تتقوم العلاقة بين الفرد والمجتمع؟


تحميل الدرس على شكل PDF

المحور الثاني: الفرد والمجتمع

الفئة المستهدفة: أولى باك " جميع الشعب"

المادة: الفلسفة

المجزوءة: الإنسان 



إشكالية المحور: ما علاقة الفرد بالمجتمع؟ هل هي علاقة اتصال وترابط؟ أم علاقة انفصال وتضاد؟

أطروحة أنتوني غدنز: المجتمع سابق على الفرد

يميز عالم الاجتماع البريطاني، أنتوني غيدنز بين الإنسان والحيوان، فيما يتعلق بالتعلم. فالحيوان باعتباره أقل تقدما في سلم التطور، لا يحتاج إلى التعلم للاندماج في لمجموعة، بل منذ ولادته يكون مبرمجا بشكل مسبق على حماية نفسه من باقي الحيوانات الأخرى. على عكس الإنسان الذي يتعلم مختلف القيم الاجتماعية والمعايير والمعتقدات المكونة لثقافة المجتمع عن طريق عملية " التنشئة الاجتماعية La socialisation. ويميز غدنز بين تنشئة اجتماعية أولية تتم في مرحلة الرضاعة والطفولة، حيث يتعلم خلال هذه المرحلة اللغة وأنماط السلوك الأساسية عبر تفاعله مع أفراد العائلة. ثم تنشئة اجتماعية ثانوية، تكون في مرحلة البلوغ وتتم عبر التفاعل مع الأقران وفي المدرسة وعبر وسائل الإعلام والاتصال...

أطروحة عالم الاجتماع الفرنس إميل دوركهاييم (1858_1917)

ينطلق إميل دوركهايم من منظور اجتماعي لتحليل علاقة الفرد بالمجتمع. لذلك فهو يعطي الأولوية للقوانين الاجتماعية على الفرد، لكن رغم ذلك يميز بين نمطين من المجتمعات:

مجتمعات تقليدية: حيث يسود تضامن ألي (ميكانيكي) بين الأفراد، وفي هذا النمط تنصهر فردية الشخص لصالح الجماعة ولا يمكن للفرد أن يتصرف إلا وفقا لما يمليه المجتمع.

مجتمعات حديثة: حيث يتم تقسيم العمل الاجتماعي، ويتأسس بذلك مجتمع قائم على الاختلاف بين الأفراد، وتكون للفرد الحرية في التعبير عن فرديته وحريته، وتكون له بالتالي شخصية متميزة ومجال خاص، ويبرز الوعي الفردي مقابل الوعي الجمعي، وكلما اتسع التضامن القائم على تقسيم العمل، تقوت روابط الفرد بالمجتمع، وكلما تقلص هذا التضامن قد هذا الارتباط، يقول دوركهايم: "ينبغي، إذن، للوعي الجمعي ألا يغطي كل ساحة الوعي الجمعي، حتى يتمكن هذا الأخير من القيام بالمهام التي لا يمكن التضامن الآلي أن يضمنها."

 أطروحة الفيلسوف الفرنسي ألكسيس دوطوكفيل: 1805_1859م

يميزدوطوكفيل في كتابه الشهير " الديموقراطية في أمريكا"، وهو وصف للمجتمع الأمريكي خلال بداية القرن 19، والقيم التي تأسست عليها الديموقراطية في أمريكا. فوجد أن المجتمع الديموقراطي يتأسس على الفردانية ويقصد بها:" شعور متأصل وهادئ، يتيح لكل مواطن الانعزال عن كتلة الأشباه، والابتعاد جانبا عن عائلته وأصدقائه، بحيث يخلق مجتمعا صغيرا لإستعماله الخاص" ولايجب الخلط بين الفردانية والأنانية التي يقصد بها الحب الجارف والمفرط للذات وعدم التفكير في الآخرين وهي خاصية تميزت بها المجتمعات القديمة، أما المجتمعات الديموقراطية الحديثة فهي قائمة على الفردانية. لذلك ينتصر دوطوكفيل للفرد مقابل المجتمع، لأن المجتمع الديموقراطي لا يتأسس إلا على الأفراد الأحرار  يقول :" الديموقراطية لا تعمل فقط على جعل الإنسان ينسى أجداده، بل أيضا تخفي عنه سلالته."

نوربرت إلياس: العلاقة بين الفرد والمجتمع علاقة جدلية، علاقة تأثير وتأثر.

في كتابه مجتمع الأفراد، يؤكد نوربرت إلياس على أن علاقة الفرد بالمجتمع علاقة جدلية، علاقة تأثير وتأثر، ليبقى السؤال المطروح هو: ما الذي اعتمده نوربرت إلياس ليؤكد ويثبت موقفه هذا؟

انطلق نوربرت إلياس من الحوارات التي دارت بين مجموعة من المفكرين حول علاقة الفرد بالمجتمع، ليخلص إلا أن هناك موقفين متناقضين متقابلين، الأول يؤكد أن “كل شيء يرجع إلى المجتمع”، وأن الأفراد المنعزلين هم من يؤثرون في المجتمع، وأنه حتى إذا افترضنا أن فعل الفرد مشروط اجتماعيا، فما ذلك إلا بسبب تأثرهم بأفراد آخرين، ومعنى كل ذلك هو أن الفرد أساس المجتمع وأنه هو الذي يؤثر فيه. أما الموقف الثاني، فيذهب إلى عكس ما ذهب إليه الموقف الأول، حيث يرى أن “كل شيء يرجع للمجتمع”، وأن جميع قرارات الأفراد مشروطة بشروط اجتماعية، وكذلك بالنسبة لإرادة الأفراد، ومضمون هذا القول إن الأفراد يظلون خاضعين للمجتمع واشتراطاته.

أما نوربرت إلياس فلا يتبنى لا الموقف الأول ولا الموقف الثاني، كما أنه يعتبر هذا الحوار حوارا متجاوزا، وأنه فقد جاذبيته. لماذا؟ لأن الطريقة التي يتبعها الفرد في اتخاذ قراراته ويسلك وفقها، حسب نوربرت إلياس، هي طريقة محددة وفق علاقات ذلك الفرد بالغير، والتي تتدخل فيها سيرورات اجتماعية والتي تروض طبيعته. لكن نوربرت إلياس لا يرى أن الفرد يبقى خاضعا فقط، كما أنه لا يرى أنه يبقى مجرد موضوع سلبي خاضع لتأثيرات المجتمع وإشراطاته، بل يؤكد أن الفرد هو الآخر يؤثر في المجتمع ويطبعه بطابعه الشخصي. وهكذا تكون علاقة الفرد بالمجتمع وكما عبر عن ذلك نوربرت إلياس كالعملة النقدية، حيث يكون الفرد هو العملة المطبوعة، وفي الوقت نفسه هو الآلة الطابعة، رغم اختلاف نسبة تأثير أحدهما في الآخر.  المجتمع إذن “هو ما يتضمن في قول كل واحد عندما يصرح نحن”، ومضمون القول الأخير أننا حين نقول “نحن” فحديثنا عنا كأفراد، لكن ليس كأفراد معزولين وإنما كمجتمع.

تركيب:

خاتمة القول أن علاقة الفرد بالمجتمع لعلاقة ملتبسة، علاقة غير واضحة المعالم، ولعل الذي يجعلها كذلك هو هذه العلاقة الجدلية التي تؤس لعلاقة الفرد بالمجتمع. فالفرد من جهة يستطيع التأثير في المجتمع، عبر إرادته وقراراته واختياراته، لكنه من جهة ثانية يخضع لتأثير المجتمع، لمؤسساته وأنظمته، لإشراطاته وإكراهاته. وهكذا يمكن القول، أن علاقة الفرد بالمجتمع ليس بالعلاقة الأحادية الجانب، بل هي علاقة ذات وجهين، أو لنقل ذات بعدين، بعد فردي ذاتي، يكون فيه الفرد هو سيد ذاته، عبر وعيه وإرادته واختياراته، وبعد اجتماعي، يكون فيه الفرد خاضعا للمجتمع ولإملاءاته ولسلطته، لنجد أنفسنا أمام إشكال فلسفي آخر، يمكن أن نعبر عنه استفهاميا كالآتي: بأي معنى يمارس المجتمع سلطته على الأفراد؟ وما حدود تلك السلطة؟

 


  

عن الشامل و كلوب فيلو بتصرف 

 

المحور الثالث: سلطة المجتمع تحليل منهجي لنص دوطوكفيل

 

الفئة المستهدفة: أولى بكالوريا جميع الشعب



إشكالية المحور: كيف يمارس المجتمع سلطته ؟ هل بالقهر والاستباد؟ أم بالاختيار  والحرية؟

تحليل منهجي لنص ألكسيس دوطوكفيل:

أولا: مطلب الفهم

تمهيد: تأطير النص ضمن المجزوءة، والمفهوم والمحور

طرح الإشكالية:

       انطلاقا من المفاهيم المتضمنة في هذا النص الفلسفي قيد الاشتغال (المجتمعات الحديثة، الجماعة، المواطن...) يتضح لنا أنه يتموضع داخل مجال مجزوءة الإنسان، والذي يقصد به الكائن العاقل والقادر على التمييز بين الخير والشر، وهو كائن متعدد الأبعاد (وعي، رغبة، مجتمع...) وهو من القضايا الكبرى في تاريخ الفلسفة منذ ظهورها في اليونان، فهو حيوان سياسي عند أرسطو، ومقياس كل شيء عند السفسطائيين، وكائن مفكر عند ديكارت وحيوان ميتافزيقي عند شوبنهور ...الخ. ويتأطر النص تحديدا ضمن مفهوم المجتمع: وهو " تجمع للناس في إطار علاقات متبادلة وقيم ومعايير اجتماعية، تنظمهم مؤسسات ويتقاسمون هوية ثقافية مشتركة ويتبادلون مصالح مشتركة."، وبالتمعن في النص الماثل أمامنا نجده يسلط الضوء على إشكالية سلطة المجتمع وبذلك فهو يفضي الى مفارقة واضحة تتمثل في أن الإنسان يعيش داخل المجتمع لتلبية حاجاته والحصول على حريته، لكن بالمقابل نجد المجتمع يفرض سلطته على الفرد وأحيانا تتحول هذه السلطة إلى قهر واستبداد. إذن استنادا إلى هذه المفارقة الفلسفية يمكننا طرح مجموعة من الاشكالات من قبيل: كيف يمارس المجتمع سلطته على الأفراد؟ هل يمارسها بالقهر والاستبداد؟ أم يمارسها بالحرية والاختيار؟        

ثانيا : مطلب التحليل

أطروحة النص

أفكار النص

مفاهيم النص

حجاج النص

          يؤكد صاحب النص على أطروحة فلسفية مفادها أن المجتمع يمارس سلطته على الأفراد بطريقة جبارة وقهرية ومطلقة، ويحول المواطنين إلى كائنات معزولة بدون إحساس بالغير، كائنات لا تعيش قضاياها ومصيرها المشترك. وفي ذلك.

وينطلق النص في فقرته الأولى من التأكيد على أنه لا يستطيع حتى تعريف الاستبداد الجديد الذي تعاني منه المجتمعات الحديثة، لأن هذا الضيق يتجاوز الاستبداد والاضطهاد الذي كان سائدا في الماضي بأضعاف.

وفي الفقرة الثانية يؤكد على أن المجتمعات الحديثة حولت الأفراد إل مجرد حشود هائلة، لا تفكر إلا في تحقيق حاجاتها الأنانية في إطاره مجاله الخاص وهو العائلة، وبالتالي تفكك الروابط بين الأفراد لصالح المجتمع الذي حولهم إلى كائنات منعزلة وأنانية.

ويختم دوطوكفيل نصه بوجود سلطة هائلة وجبارة ومطلقة هي التي تسير الأفراد، ويقصد بها سلطة الدولة والمجتمع على حد سواء، تشبه السلطة الأبوية، وظيفتها جعل الأفراد في حالة "قصور" أي أن لا يفكروا إلا في متعتهم الخاصة، لكن هذه السلطة عاجزة رغم كل ذلك عن إزالة قلق التفكير وشقاء العيش عن هؤلاء الأفراد.

يوظف صاحب النص مجموعة من المفاهيم الفلسفية من أجل بناء نصه، وهمها:

مفهوم المجتمع الحديث: لا يتوفر صاحب النص على تعريف دقيق له، لكنه يصفه بأنه عبارة عن حشود هائلة من البشر منغمسة في لذاتها الخاصة ولا تربط بينها أي رابطة، وتقوم عليها سلطة جبارة تضمن إبعاد الفرد عن الاهتمام بوضعه الوجودي لصالح الانغماس الكلي في الاستمتاع والمصلحة الأنانية.

السلطة: هي قوة جبارة ومطلقة ولينة هدفها ضمان أمن المجتمع، وتثبيت الأفراد في حالة قصور وعدم تفكير.

الاستبداد: هو المبالغة في القسوة واستعمال القوة والعنف ماديا كان أو رمزيا من أجل إخضاع الأفراد.

العلاقة بين هذه المفاهيم هي علاقة تكامل لأن المجتمع الحديث يمارس سلطته بشكل استبدادي على الأفراد ويصرفهم في التفكير عن قضاياهم الحقيقة ويركزون على مصالحهم الخاصة مفصولين عن باق الأفراد.

إن التفكير الفلسفي هو تفكير استدلالي وحجاجي بالأساس لذلك فالنص الماثل أمامنا يوظف مجموعة من الحجج للدفاع عن دعواه أهمها:

حجة التفسير: وتتجلى هذه الحجة في تفسير النص لآليات سلطة المجتمع على الأفراد، من خلال قوله "كل واحد منهم ...أما..... وإن كان لا يزال..."

حجة الإثبات والتأكيد: من خلال تأكيد النص على سلطة المجتمع الحديث على الأفراد من خلال قول صاحب النص: " أعتقد أن نوع الضيق..." وقوله:" أريد أن أتخيل...".

حجة النفي: من خلال نفي النص لإحساس لمجتمع بالفرد من خلال قوله: " لا يراهم...لا يحس بهم...لا يوجد إلا لذاته."

ثالثا: مطلب المناقشة

مناقشة داخلية: قيمة النص

مناقشة خارجية: مواقف مؤيدة أو معارضة

        نستنتج من خلال ما سبق أن المجتمع الحديث يمارس سلطة هائلة على الأفراد ولا يترك لهم الفرصة لبروز فرديتهم، وبالتالي فالنص استطاع أن يدافع عن هذه الفكرة بشكل قوي من الناحية البنائية والحجاجية والاستدلالية في النص. أما من الناحية الفلسفية، فالنص نموذج للتصور الليبرالي للمجتمع خلال القرن 19م وهي المرحلة التي تخلصت فيها الدول الغربية من الاستبداد السياسي والديني الذي كان قائما، ومن ثمة فالنص له قيمة تاريخية وفلسفية. لكن رغم ذلك ومادام التفكير الفلسفي تفكيرا جدليا ومفتوحا يمكن إغناء النقاش حول إشكالية سلطة المجتمع من خلال استحضار مجموعة من المواقف الفلسفية الأخرى، ففي نفس اتجاه صاحب النص نجد:

أطروحة سيجموند فرويد: الذي يؤكد على أن المجتمع يمارس قهرا خارجيا على الفرد، من خلال عملية التنشئة الاجتماعية والثقافية، وذلك من أجل قمع دوافعه الغريزة، وخلق سلوكات جيدة وخيرة لديه، وهي العملية التي تتم عبر الصراع النفسي بين مكونات الجهاز النفسي للإنسان الذي يتضمن:

الجانب الغريزي: الهو والجانب الواقعي: الأنا، والجانب الأخلاقي: الأنا الأعلى. فمبدأ الهو: هو تحقيق إشباع اللذة الجنسية " الليبيدو" بعيدا عن متطلبات المجتمع، لكن هذا الأخير يقوم بقمع تلك الغرائز عبر آلية الأنا الأعلى كي تتناسب مع المجتمع الذي يعيش فيه الفرد.  لكن المجتمع من خلال هذه العملية القمعية، يجر الكائن على الاغتراب، ومن ثمة ظهور تشوهات في شخصيته.

أما من ناحية أخرى فنجد التصور الأنثروبولوجي لرالف لنتون 1893_1953م الذي يؤكد على أن المجتمع يعمل على تلبية الحاجات الاجتماعية للفرد ، المأكل الملبس ...الخ، وهي حاجات يتم خلقها من طرف التفاعل مع الغير ولكن تلبية هذه الحاجات ليست إلا مجرد "طُعْمٌ" يقدمه المجتمع ل "اصطياد" الفرد"، بمعنى أن الفرد يحقق حاجاته بطواعية وبدون إكراه، لكن في نفس الوقت يستدمج المعايير والقيم الاجتماعية أو ما يسميه لنتون ب" النماذج الثقافية للمجتمع"، ويعطينا مثال الأكل: وهو حاجة بيولوجية لدى الطفل، لكن في اللحظة التي يتم فيها تلبي هذه الحاجة، فإن الطفل يتعلم أنماط السلوك المقبولة في المجتمع ، وبالتالي تترسخ سلطة المجتمع الثقافية في الفرد بطريقة غير مباشرة.

والفرق بين هذا التصور والتصور الليبرالي لطوكفيل، هو أن سلطة المجتمع، عند لنتون تكون بطريقة طوعية وغير مباشرة، في حين أن سلطة المجتمع لدى طوكفيل تمارس بالقهر والاستبداد.

رابعا: مطلب التركيب

خلاصة التحليل والمناقشة

الرأي الشخصي

سؤال تركيبي مفتوح

       من خلال ما سبق يتبين لنا أن إشكالية سلطة المجتمع، د أفرزت مجموعة م التصورات الفلسفية، فمن جهة يؤكد طوكفيل و فرويد على السلطة القهرية المباشرة للمجتمع على الفرد، ومن جهة أخرى يذهب لنتون إلى سلطة غير مباشرة تمارس على الأفراد بمحض اختيارهم. ومقابل كل هذه التصورات يمكن الخروج بفكرة، مفادها أن الإنسان كائن اجتماعي يحتاج إلى الجماعة لتحقيق حاجاته، لكن هذه الأخيرة تمارس سلطته على الفرد، لذلك فسلطة المجتمع ضرورية لقيام مجتمع متماسك، لكن هذا لا يعني قتل فردية الإنسان وحريته وعدم ترك الفرصة له للتعبير عن ذاته الخاصة، لذلك، يمكن القول بأن المجتمع الديموقراطي الذي يدعو إليه طوكفيل هو الذي يمنح هذه الحرية للفرد. وهو التصور الذي ينسجم مع موقفي من القضية، ما دمت في مجتمع لم يستطع بعد التخلص من نماذجه الثقافية التقليدية، ليصبح مجتمعا حديثا، يبرز فيه الفرد الحر، وفي نفس الوقت يمارس حريته في ظل قوانين وقواعد ومعايير يحتكم إليها الجميع. لذلك نتساءل في الأخير: إن كان المجتمع الذي وصفه الفلاسفة ناقشنا أطروحاتهم هو مجتمع القرن التاسع عشر والقرن العشرين، فما هو مصير الفرد في ظل مجتمع التقنية والعلم في القرن الواحد والعشرين؟