الفئة المستهدفة: أولى باك " جميع الشعب"
المادة: الفلسفة
المجزوءة: الإنسان
إشكالية
المحور: ما علاقة الفرد بالمجتمع؟ هل هي علاقة اتصال وترابط؟ أم علاقة انفصال
وتضاد؟
أطروحة
أنتوني غدنز: المجتمع سابق على الفرد
يميز عالم
الاجتماع البريطاني، أنتوني غيدنز بين الإنسان والحيوان، فيما يتعلق بالتعلم.
فالحيوان باعتباره أقل تقدما في سلم التطور، لا يحتاج إلى التعلم للاندماج في
لمجموعة، بل منذ ولادته يكون مبرمجا بشكل مسبق على حماية نفسه من باقي الحيوانات
الأخرى. على عكس الإنسان الذي يتعلم مختلف القيم الاجتماعية والمعايير والمعتقدات
المكونة لثقافة المجتمع عن طريق عملية " التنشئة الاجتماعية La socialisation.
ويميز غدنز بين تنشئة اجتماعية أولية تتم في مرحلة الرضاعة والطفولة، حيث يتعلم
خلال هذه المرحلة اللغة وأنماط السلوك الأساسية عبر تفاعله مع أفراد العائلة. ثم
تنشئة اجتماعية ثانوية، تكون في مرحلة البلوغ وتتم عبر التفاعل مع الأقران وفي
المدرسة وعبر وسائل الإعلام والاتصال...
أطروحة
عالم الاجتماع الفرنس إميل دوركهاييم (1858_1917)
ينطلق إميل
دوركهايم من منظور اجتماعي لتحليل علاقة الفرد بالمجتمع. لذلك فهو يعطي الأولوية
للقوانين الاجتماعية على الفرد، لكن رغم ذلك يميز بين نمطين من المجتمعات:
مجتمعات
تقليدية: حيث يسود تضامن ألي (ميكانيكي) بين الأفراد، وفي هذا النمط تنصهر فردية
الشخص لصالح الجماعة ولا يمكن للفرد أن يتصرف إلا وفقا لما يمليه المجتمع.
مجتمعات
حديثة: حيث يتم تقسيم العمل الاجتماعي، ويتأسس بذلك مجتمع قائم على الاختلاف بين
الأفراد، وتكون للفرد الحرية في التعبير عن فرديته وحريته، وتكون له بالتالي شخصية
متميزة ومجال خاص، ويبرز الوعي الفردي مقابل الوعي الجمعي، وكلما اتسع التضامن
القائم على تقسيم العمل، تقوت روابط الفرد بالمجتمع، وكلما تقلص هذا التضامن قد
هذا الارتباط، يقول دوركهايم: "ينبغي، إذن، للوعي الجمعي ألا يغطي كل ساحة
الوعي الجمعي، حتى يتمكن هذا الأخير من القيام بالمهام التي لا يمكن التضامن الآلي
أن يضمنها."
أطروحة الفيلسوف الفرنسي ألكسيس دوطوكفيل:
1805_1859م
يميزدوطوكفيل
في كتابه الشهير " الديموقراطية في أمريكا"، وهو وصف للمجتمع الأمريكي
خلال بداية القرن 19، والقيم التي تأسست عليها الديموقراطية في أمريكا. فوجد أن
المجتمع الديموقراطي يتأسس على الفردانية ويقصد بها:" شعور متأصل وهادئ، يتيح
لكل مواطن الانعزال عن كتلة الأشباه، والابتعاد جانبا عن عائلته وأصدقائه، بحيث
يخلق مجتمعا صغيرا لإستعماله الخاص" ولايجب الخلط بين الفردانية والأنانية
التي يقصد بها الحب الجارف والمفرط للذات وعدم التفكير في الآخرين وهي خاصية تميزت
بها المجتمعات القديمة، أما المجتمعات الديموقراطية الحديثة فهي قائمة على
الفردانية. لذلك ينتصر دوطوكفيل للفرد مقابل المجتمع، لأن المجتمع الديموقراطي لا
يتأسس إلا على الأفراد الأحرار يقول
:" الديموقراطية لا تعمل فقط على جعل الإنسان ينسى أجداده، بل أيضا تخفي عنه
سلالته."
نوربرت
إلياس: العلاقة
بين الفرد والمجتمع علاقة جدلية، علاقة تأثير وتأثر.
في كتابه
مجتمع الأفراد، يؤكد نوربرت إلياس على أن علاقة الفرد بالمجتمع علاقة جدلية، علاقة
تأثير وتأثر، ليبقى السؤال المطروح هو: ما الذي اعتمده نوربرت إلياس ليؤكد ويثبت
موقفه هذا؟
انطلق
نوربرت إلياس من الحوارات التي دارت بين مجموعة من المفكرين حول علاقة الفرد
بالمجتمع، ليخلص إلا أن هناك موقفين متناقضين متقابلين، الأول يؤكد أن “كل شيء
يرجع إلى المجتمع”، وأن الأفراد المنعزلين هم من يؤثرون في المجتمع، وأنه حتى إذا
افترضنا أن فعل الفرد مشروط اجتماعيا، فما ذلك إلا بسبب تأثرهم بأفراد آخرين،
ومعنى كل ذلك هو أن الفرد أساس المجتمع وأنه هو الذي يؤثر فيه. أما الموقف الثاني،
فيذهب إلى عكس ما ذهب إليه الموقف الأول، حيث يرى أن “كل شيء يرجع للمجتمع”، وأن
جميع قرارات الأفراد مشروطة بشروط اجتماعية، وكذلك بالنسبة لإرادة الأفراد، ومضمون
هذا القول إن الأفراد يظلون خاضعين للمجتمع واشتراطاته.
أما نوربرت
إلياس فلا يتبنى لا الموقف الأول ولا الموقف الثاني، كما أنه يعتبر هذا الحوار
حوارا متجاوزا، وأنه فقد جاذبيته. لماذا؟ لأن الطريقة التي يتبعها الفرد في اتخاذ
قراراته ويسلك وفقها، حسب نوربرت إلياس، هي طريقة محددة وفق علاقات ذلك الفرد
بالغير، والتي تتدخل فيها سيرورات اجتماعية والتي تروض طبيعته. لكن نوربرت إلياس
لا يرى أن الفرد يبقى خاضعا فقط، كما أنه لا يرى أنه يبقى مجرد موضوع سلبي خاضع
لتأثيرات المجتمع وإشراطاته، بل يؤكد أن الفرد هو الآخر يؤثر في المجتمع ويطبعه
بطابعه الشخصي. وهكذا تكون علاقة الفرد بالمجتمع وكما عبر عن ذلك نوربرت إلياس
كالعملة النقدية، حيث يكون الفرد هو العملة المطبوعة، وفي الوقت نفسه هو الآلة
الطابعة، رغم اختلاف نسبة تأثير أحدهما في الآخر. المجتمع إذن “هو ما يتضمن في قول كل واحد عندما
يصرح نحن”، ومضمون القول الأخير أننا حين نقول “نحن” فحديثنا عنا كأفراد، لكن ليس
كأفراد معزولين وإنما كمجتمع.
تركيب:
خاتمة القول أن علاقة الفرد بالمجتمع لعلاقة ملتبسة، علاقة غير واضحة
المعالم، ولعل الذي يجعلها كذلك هو هذه العلاقة الجدلية التي تؤس لعلاقة الفرد
بالمجتمع. فالفرد من جهة يستطيع التأثير في المجتمع، عبر إرادته وقراراته
واختياراته، لكنه من جهة ثانية يخضع لتأثير المجتمع، لمؤسساته وأنظمته، لإشراطاته
وإكراهاته. وهكذا يمكن القول، أن علاقة الفرد بالمجتمع ليس بالعلاقة الأحادية
الجانب، بل هي علاقة ذات وجهين، أو لنقل ذات بعدين، بعد فردي ذاتي، يكون فيه الفرد
هو سيد ذاته، عبر وعيه وإرادته واختياراته، وبعد اجتماعي، يكون فيه الفرد خاضعا
للمجتمع ولإملاءاته ولسلطته، لنجد أنفسنا أمام إشكال فلسفي آخر، يمكن أن نعبر عنه
استفهاميا كالآتي: بأي معنى يمارس المجتمع سلطته على الأفراد؟ وما حدود تلك
السلطة؟
عن الشامل و كلوب فيلو بتصرف
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire