المادة: الفلسفة
الفئة المستهدفة: 2 باك
النص:
" تكمن التربية في عملية التنشئة
الاجتماعية الممنهجة، التي يتلقاها الجيل الشاب. يمكن القول، إنه داخل كل واحد
منا، يوجد كائنين لا يمكن الفصل بينهما إلا على المستوى التجريدي. أحدهما يتكون من
كل الحالات الذهنية التي لا ترجع إلا إلى ذواتنا وإلى الأحداث المتعلقة بحياتنا
الشخصية: وهذا ما نسميه بالكائن الفردي. والآخر هو عبارة عن نسق من الأفكار،
والأحاسيس والعادات التي تعبر عن نفسها داخلنا، لا يتعلق الأمر بشخصيتنا الخاصة،
بل بالجماعة أو المجموعات المختلفة التي ننتمي إليها، تلك هي المعتقدات الدينية، والمعتقدات والممارسات الأخلاقية،
والعادات الوطنية أو المهنية، والآراء الجماعية بمختلف أنواعها. ومجموع هذه
الأشياء هو الذي يكون الكائن الاجتماعي، ودور التربية هو تكوين هذا الكائن بداخلنا."
Emile Durkheim : Education et sociologie,
Librairie Fant 7, 2006. P 17 -19 – 20.
حلل (ي) النص وناقشه (يه).
مطلب
الفهم: 4ن
وجب تأطير النص ضمن إطاره العام المتعلق
بمجزوءة الوضع البشري، ثم مجاله الخاص المرتبط بمفهوم الشخص ثم تحديد القضية
الأساسية التي يعالجها وهي قضية الهوية الشخصية، وتضمين ذلك في شكل تمهيد مناسب
يتضمن مفارقة. أي لابد أن يعطي التمهيد المبررات الكافية لطرح الإشكالية تعطي
المبرر الكافي لطرح الإشكالية المتعلقة بالهوية الشخصية.
نموذج مقترح
لكتابة المقدمة:
من خلال
القراءة الأولية للنص، وانطلاقا من بعض المفاهيم الواردة فيه (الكائن الفردي،
الجماعة، الكائن الاجتماعي...)، ستبين لنا بأنه يتأطر ضمن المجال الإشكالي لمجزوءة
الوضع البشري، ويقصد بالوضع البشري مختلف المحددات التي الأساسية الفردية والغيرية
والزمانية، التي تحدد وتحصر الوجود الإنساني في العالم، ويتسم هذا الوضع بالتداخل
والتركيب بين كل هذه المحددات، ويحيل النص على مفهوم الشخص بما هو ذات يتجاذبها
بدورها -كما توحي لنا القراءة الأولى للنص- مستويات فردية وجماعية. بمعنى أن
الهوية الشخصية هي التي تجعل الذات تحافظ على وحدتها لكن التي تتحول على حسب
الظروف. وهي الإشكالية التي يقاربها النص، وهي من القضايا الفلسفية التي استرعت
اهتمام الفلاسفة والمفكرين والعلماء على مر العصور، لاستكناه حقيقة الإنسان. ومن
خلال ما سبق يمكن أن نطرح إشكالية النص على الشكل التالي: ما الذي يحدد هوية
الشخص؟ هل تتحدد هويته بشكل داخلي فردي؟ أم تتحدد بشكل اجتماعي؟ بمعنى هل أن
الهوية الشخصية تنطلق من الفرد نفسه وأحاسيسه الداخلية وتركيبته النفسية والذهنية؟
ـأم أن الهوية الشخصية تنطلق من المجتمع عبر مختلف المعايير والقيم والعادات لتشكل
الهوية الشخصية؟
وإلى حد يمكن
القول إن التفاعل بين الفردي والجماعي هو المحدد الأساس لهذه الهوية؟
مطلب
التحليل: 5ن
في التحليل يجب استخراج الأطروحة الرئيسية
التي تنتظم حولها أفكار ومفاهيم النص والعلاقات القائمة بينها، ثم استخراج الحجج
والبراهين التي يدافع بها النص عن هذه الأطروحة.
يمكن وضع خلاصة جزئية في نهاية التحليل وسؤال للانتقال نحو مطلب
المناقشة.
نموذج مقترح
لكتابة التحليل:
يؤكد صاحب النص أن الهوية الشخصية للفرد تتكون من مستووين أساسيين، مستوى
داخلي، هو الذي يتشكل من الحياة الذهنية للفرد، يسمى هذا الجانب بالكائن الفردي،
وجانب آخر يتكون من الأفكار والأحاسيس والعادات التي نتلقاها من المجتمع وهي مجموع
المعتقدات الدينية، والممارسات الأخلاقية، والعادات الوطنية أو المهنية، والآراء
الجماعية ويسمى هذا الجانب بالكائن الاجتماعي، وتتكون هذه الهوية المزدوجة من خلال
عملية التربية والتنشئة الاجتماعية.
بالعودة لأفكار النص نجد أن صاحبه ينطلق في الفقرة الأولى التي تتحدد بين
"بداية النص إلى " الكائن الفردي." ويؤكد فيها أن التنشئة
الاجتماعية تحددها التربية، مؤكدا أن داخل كل فرد منا هوية فردية داخلية تتكون من
مكونين أساسيين: الأول يسميه بالمكون الفردي، ويتشكل من خلال الحالات الذهنية
المكونة للحياة الشخصية للفرد، وتسمى ب" الكائن الفردي.
بعد ذلك
ينطلق في الفقرة الثانية التي تتحدد بين قوله:" والآخر هو عبارة عن
نسق..."، إلى نهاية النص. ويؤكد فيه على الجانب الآخر الذي يكون الهوية
الشخصية، وهو الجماعة التي ينتمي إليها الفرد والتي تعمل على تلقينه -عبر التنشئة
الاجتماعية والتربية- مختلف المعتقدات الدينية، والممارسات الأخلاقية، والعادات
الوطنية أو المهنية، والآراء الجماعية. ويسمى هذا الجانب في الهوية بالكائن
الاجتماعي. إذن الهوية حسب صاحب النص مزدوجة، لديها جانب داخلي نفسي وجانب خارجي
اجتماعي.
إن التفكير
الفلسفي هو بناء للمفاهيم الفلسفية بامتياز، لذلك فهذا النص يتضمن مجموعة المفاهيم
ذات الصلة بمجال علم الاجتماع تحديدا، أول هذه المفاهيم، نجد مفهوم الهوية الذي لم
يذكره إلا بشكل ضمني من خلال عدة مؤشرات لفظية ك" الداخل و الذات.."،
ويقصد بها حسب النص:" ذلك الكائن المزدوج الأوجه الذي يوجد داخل كل واحد منا
ويشكل الأساس وجوهر شخصيتنا، والذي لا يمكن حسب النص فصلهما، وهذين الجانبين، هو
الجانب النفسي الداخلي، والجانب الاجتماعي الذي نتلقاه عبر التنشئة الاجتماعية."
نجد كذلك
مفهوم التنشئة الاجتماعية: ويعرفه النص "كعملية يتم من خلال نقل مختلف
العادات والتقاليد والعقائد إلى الفرد من خلال الجماعة التي ينتمي إليها عبر
التربية." نجد كذلك مفهوم الجماعة: ويقصد بها "مجموع الأفراد المكونين
للمجتمع، والذين تربط بينهم روابط اجتماعية مشتركة." ثم كذلك مفهوم الكائن
الفردي، ويعرفه النص، بأنه: " نسق من الأفكار، والأحاسيس والعادات التي تعبر
عن نفسها داخلنا، لا يتعلق الأمر بشخصيتنا الخاصة." وأخيرا مفهوم الكائن
الاجتماعي: وهو: " نسق من الأفكار، والأحاسيس والعادات التي تعبر عن نفسها
داخلنا، التي تعبر عن الجماعة أو المجموعات المختلفة التي ننتمي إليها، وتتشكل من
مختلف المعتقدات الدينية، والمعتقدات والممارسات الأخلاقية، والعادات الوطنية أو
المهنية، والآراء الجماعية بمختلف أنواعها."
إن العلاقة
القائمة بين هذه المفاهيم هي علاقة ترابط وانسجام لأن الهوية الشخصية تتحدد وفق
بعد داخلي فردي مرتبط بالحالات الذهنية للفرد، وبعد آخر تكونه الجماعة التي ينتمي
إليها الشخص، عبر التربية والتنشئة الاجتماعية.
إن العلاقة
هذه المفاهيم هي ما يؤسس لأطروحة النص المرتبطة التي تؤكد على البعد المزدوج
للهوية.
إذن كيف يقدم
النص أطروحته وكيف يدافع عنها:
لأجل تلك
الغاية استعان النص بمجموعة من الأساليب الحجاجية: إذ ينطلق من حجة العرض، إذ يعرض
أطروحته في بداية النص ويؤكد عليها، من خلال قوله: " تكمن التربية.."،
ثم ينفي بعدها البعد الواحد للهوية لأن ذلك في نظره غير ممكن إلا في المستوى
التجريدي، حينما يقول: " لا يمكن الفصل بينهما إلا...". ثم ينطلق لشرح
وتفسير هذين البعدين: من خلال قوله: " أحدهما....." وقوله كذلك: "
الأخر...". موظفا في الآن ذاته حجة التعريف حينما يعرف هذه الأبعاد من خلال
قوله مثلا: " الآخر هو نسق من الأفكار...". كما يستعين بمجموعة من
الأمثلة: " المعتقدات، الممارسات الأخلاقية، العادات الوطنية." وفي
الأخير يستعين بحجة الاستنتاج لأنه استنتج أن ما يكون الهوية هو التربية من خلال
قوله: " ومجموع هذه الأشياء هو الذي يكون التربية". ويمكن كذلك القول
بأنه استعان بحجة القياس المنطقي، لأنه انقل من مقدمة واضحة بذاتها، مستعينا
بمختلف الاستدلالات المنطقية للوصول للنتيجة النهائية.
يتبين لنا
إذن أن صاحب النص، قد دافع عن أطروحته القائلة بدور التنشئة الاجتماعية في تكوين
الهوية الشخصية، التي يربطها بالبعد الذاتي والبعد الاجتماعي.
مطلب
المناقشة: 5ن
يُنتظر من التلميذ في هذه المرحلة أن يؤكد
على أهمية الأطروحة الفلسفية من الناحية الداخلية للنص والناحية التاريخية. ويبين
حدود الأطروحة من خلال ربطها وفتح النقاش بينها وبين تصورات فلسفية معارضة أو
مؤيدة.
نموذج مقترح
للمناقشة:
يتبين لنا بعد عملية التحليل أن النص متماسك من الناحية المنطقية، وقد وظف
صاحبة عدة مفاهيمية ومقاربة اجتماعية، لأن دوركهايم من بين المؤسسين للاتجاه
الوضعي في علم الاجتماع، وبالتالي فهو يعطي الأهمية للعوامل الاجتماعية في تكوين
الهوية. لكن ألا يمكن القول بأن الأساس المزدوج للهوية هو النظر إلى الذات
الإنسانية بشكل انفصامي أليس هناك جوهرا واحدا هو المؤسس لهذه الهوية؟
للإجابة عن
هذا التساؤل نستحضر التصورات التي نادت بالبعد الواحد للهوية، مثل المقاربة
الفلسفية التي خلال القرن 17 التي دعا إليها الفيلسوف ديكارت، الذي يؤكد أن ما
يؤسس الهوية هو الفكر، باعتباره نورا فطريا يحافظ على وحدة الذات وثباتها ووجودها،
رغم تغير حالاتها الفكرية والنفسية. وهو ما تعبر عنه قولة ديكارت: " أنا أفكر
إذن أنا موجود." والتصور الماهوي الآخر الذي جاء كرد فعل على الاتجاه العقلاني
ونقصد به الاتجاه التجريبي الذي يعتبر جون لوك أهم رموزه. والذي يربط الهوية
بالجانب الشعوري، لأنه لا يمكن تصور فكرا لا يمرر عبر الحس، لأنه لا وجود لأي فكر
خالص وفطري كما يدعي ديكارت، مادام الشخص يولد وعقله صفحة بيضاء نملأها بالتجربة.
يقول جون لوك في كتابه مقالة في الفهم البشري: " لا يمكن أن ندرك إدراكا
فكريا دون أن نشعر أننا ندرك إدراكا فكريا."
وفي اتجاه
آخر نستحضر المقاربة النفسية لسيجموند فرويد الذي يقترب قليلا من أطروحة النص، لأن
يركز على الجانب اللاشعوري في الفرد، من خلال تقسيمه الشهير للجهاز النفسي، إلى
جانب واقعي هو " الأنا"، وجانب أخلاقي هو " الأنا الأعلى"،
وجانب غريزي "هو " الهو". وفي نظره الصراع بين هذه المكونات هو ما
يحدد الهوية الفردية.
يتبين لنا إذن أن المقاربات التي قاربت إشكال الهوية متعددة ومختلفة بين مقاربة اجتماعية ومقاربة فلسفية ومقاربة نفسية.
مطلب
التركيب: 3ن
يُنتظر في هذه اللحظة أن يستنتج التلميذ
نتائج وخلاصات حول ماتم تحليله ومناقشته. والإشارة إلى أهمية الإشكالية، وأخيرا مع
الإدلاء برأيه الشخصي حول الموضوع والتأكيد على الطابع النسبي للفكر الفلسفي.
نموذج مقترح
للتركيب:
من خلال تحليلنا لهذا النص يتبين لنا أن
إشكالية الهوية الشخصية قد شكل محل تضارب للمواقف بين الفلاسفة والعلماء. نظرا
لتعقد الموضوع وتعدد أوجهه. لذلك فقد رأينا أن النص يؤكد على دور التنشئة
الاجتماعية في تأسيس الهوية وفق مقاربة سوسيولوجية. أما المقاربة الفلسفية
الماهوية فقد بحثت عن الجوهر فالعقل عند العقلانيين هو أساس الهوية، أما
التجريبيين فيربطونه بالتجربة الحسية، أما المقاربة النفسية فقد ركزت على دور
العوامل النفسية اللاشعورية في تأسيس هذه الهوية. وفي ظل تضارب هذه المواقف فإن
ذلك ليس إلا دليلا على تعقد الموضوع وعمقه، وهذا لا ينقص من قيمة الفكر الفلسفي في
شيء بل يدل على أن لكل موقف ما يبرره من الناحية النظرية والتاريخية. وإذن نقر
بهذه الأهمية فإننا نؤكد أن الهوية الإنسانية لا يمكن حصرها في بعد واحد فقط،
مادام الإنسان كائنا متعدد الأبعاد، لذلك فالهوية هي كذلك متعددة الأبعاد بين ما
هو إجتماعي ونفسي وشعوري. وفي الأخير وتأكيدا للطابع المنفتح للفلسفة نتساءل: إن
اختلف الفلاسفة حول الشخص فهل يتفقون حول قيمته؟
الجوانب الشكلية: 3ن
الورقة و الخط - تماسك العرض - اللغة
تحميل PDF
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire