الثلاثاء، 20 فبراير 2024

المحور الثالث: الإيديولوجيا والوهم

 

الفئة المستهدفة: أولى بكالوريا " جميع الشعب"

المادة: الفلسفة 

المجزوءة: الإنسان



تأطير إشكالي:

التطور التاريخي للمفهوم:

كلمة الإيديولوجيا تتكون من شقين، الأول، Idéo التي تعني الأفكار والثاني Logie التي تعني العلم، وبالتالي فهي تعني حرفيا: علم الأفكار، وأول من صاغ المصطلح هو الفيلسوف الفرنسي دوتراسي Antoine-Louis-Claude Destutt  de Tracy(1745- 1836م). وهو علم يدرس في نظر دوتراسي مدى صحة أو خطأ الأفكار التي يعتقدها الناس.

لكن المفهوم لم يشتهر إلا مع نابليون بونابارت 1769-1821 م الذي كان يطلقه على خصومه السياسيين على سبيل الاحتقار. لكن الكلمة ستصبح أكثر انتشارا في مجال السياسة بالخصوص مع الصحفي الألماني كارل ماركس (1818- 1883م) التي يعني بها الأفكار التي تعكس مصالح الطبقة المهيمنة. أما مع عالم الاجتماع كارل مانهايم 1893-1947م)، فسيميز في كتابه " الإيديولوجيا واليوتوبيا"، بين المعنى الخاص للإيديولوجيا، التي تعني الأفكار التي يتبناها الفرد، ومعناها العام، التي يربطها بأفكار طبقة أو حقبة تاريخية معينة.

من خلال هذه النظرة التاريخية يتبين أن مفهوم الإيديولوجيا تتجاذبه عدة مفارقات:

الفردي / الجماعي، العقل، الغريرة، الحقيقة/ الوهم...

ومن خلال هذه المفارقات نصوغ هذه الإشكالية:

ما هي الإيديولوجيا؟ وما هي أهم وظائفها؟ وما دور كل من الفلسفة والعلم في مواجهتها؟

التصور التأويلي للفيلسوف الفرنسي: بول ريكور (1913-2005م)

تحليل منهجي للنص ص 20 (الكتاب المدرسي: في رحاب الفلسفة)

المستوى الإشكالي للنص: ماهي الإيديولوجيا؟ وما هي وظائفها؟ وكيف تعمل على تشويه الواقع في وعي الأفراد؟

المستوى المفاهيمي للنص:

 الإيديولوجيا: هي عملية فكرية تحاول فهم وتغيير حياة الناس، ولها ثلاث وظائف، تشويه الواقع، وتبرير الاستغلال، ثم إدماج الأفراد في منظومة السلطة.

التشويه: هو قلب الواقع وفي أذهان الأفراد.

التبرير: تبرير الطبقة الحاكمة والمستغلة لهذه الهيمنة حتى تكون مقبولة ذهنيا لدى الأفراد.

الإدماج: إدماج الأفراد في منظومة جماعية موحدة.

العلاقة بين المفاهيم: هي علاقة تكامل، لأن الإيديولوجيا تعمل على تشويه الواقع وتبرير الاستغلال ودمج الأفراد في منظومة أفكار موحدة.

المستوى الحجاجي للنص:

حجة التأكيد: حيث يؤكد على أهمية الوظيفة الإدماجية للإيديولوجيا.

حجة العرض والتفسير: حيث عرض الكاتب فكرته عن الإيديولوجيا ويفسر وظائفها.

حجة المثال: مثال: "إعادة إحياء أحداث الماضي"

المناقشة:

المناقشة الداخلية: مناقشة داخلية: تتجلى أهمية النص في كونه نصا حجاجيا اعتمد لغة واضحة، ويعبر عن موقف المدرسة التأويلية في الفك الفرنسي التي حاولت تفسير النصوص الفلسفية الكبرى.

المناقشة الخارجية:

 أطروحة المفكر المغربي عبد الله العروي مؤرخ مغربي (1933)

 حدد عبد الله  العروي خمس استعمالاتللأدلوجة" كما يسميها :

أولا استعمال القرن 18م: حيث تعني الإيديولوجيا الأفكار المسبقة الموروثة عن عصور الجهل.

ثانيا: استعمال المفكرين الألمان: حيث تعبر عن الروح التي تحفز حقبة تاريخية.

ثالثا الاستعمال الماركسي: حيث تعني منظومة فكرية تعكس بنية النظام الاجتماعي.

رابعا استعمال نيتشه: مجموع الأوهام التي يعاكس بها الإنسان المنحط قيم الحياة.

خامسا استعمال فرويد: وهي مجموع الأفكار التي تعاكس مبدأ اللذة.

خلاصة تركيبية:

من خلال تحليلنا لإشكالية " الوهم والإيديولوجيا"، يتبين لنا، أنها قضية أثارت الكثير من الجدل بين المفكرين والفلاسفة. خاصة وأنها مرتبطة بمجال السياسة. ولكن يمكن القول أن الإيديولوجيا هي فكر غير دقيق، يحول الرغبات إلى حقائق، ويقفز على العقلانية والدقة التي لا نجدها إلا في الفكر العلمي. القائم على التجارب الملموسة والنظريات العقلانية الواضحة. كما أن مهمة الفلسفة هي مواجهة الإيديولوجيا وتزييفها. وفي الأخير نتساءل: كيف تتحدد الرغبة الإنسانية؟




الاثنين، 19 فبراير 2024

المحور الثاني: الوعي واللاوعي


  الفئة المستهدفة: 1 باك " جميع الشعب"

المادة:  الفلسفة 

المجزوءة الإنسان




إشكالية المحور:

ما هو اللاوعي؟ ومن الذي يتحكم في الحياة النفسية للإنسان؟ الوعي أم اللاوعي؟
المستوى المفاهيمي:

- الشعور: منطقة ضيقة من اللاشعور، ذكرها فرويد في نظريته الموضعية الأولى، التي تتضمن اللاشعور والشعور وما قبل الشعور.

- اللاشعور: هو الأساس العام للحياة النفسية، وهو أوسع منطقة تضم بين جوانبها منطقة الشعور.

- الحلم: هو آلية نفسية يتم فيها تصوير الجسد تصويرا رمزيا من أجل تحقيق الرغبات المكبوتة لا شعوريا.

- المخاوف الهستيرية: اضطرابات نفسية عصابية تعبر عن علاقات اضطراب في شخصية الفرد وهي تعبيرات جسدية.

العلاقة بين المفاهيم: هي علاقة تضمن لأن اللاشعور يتضمن الشعور، ويتمظهر اللاشعور من خلال الحلم والمخاوف الهستيرية.

المستوى الحجاجي:

حجة الدحض: يتجلى في دحض الأطروحة التي "تبالغ في تقدير خاصية الشعور."

حجة العرض والتفسير: حيث عرض فكرته القائلة بفرضية اللاشعور ثم فسرها.

حجة المثال: حيث استعرض أمثلة للتدليل على موقفه مثل: " الحلم " و " المخاوف الهستيرية".

المناقشة:

مناقشة داخلية: تتجلى أهمية النص في كونه نصا حجاجيا اعتمد لغة واضحة، ووظف أمثلة من مجال علم النفس، وفسر ألية اشتغال اللاشعور. كما أنه يعبر عن رأي واحد من المنظرين في مجال علم النفس الذين كان لهم التأثير الكبير في فهم الإنسان خلال القرن 20.

مناقشة خارجية: موقف الفيلسوف الفرنسي: ألان (إميل شارتيي)

لكن رغم تلك الأهمية إلا أن نظرية التحليل النفسي تعرضت للكثير من النقد سواء من طرف علماء النفس أو من طرف الفلاسفة ونستحضر هنا موقف الفيلسوف الفرنسي ألان الذي يؤكد على خطأ نظرية فرويد في تفسيره للسلوك الإنساني، جعل في نظره اللاوعي بمثابة " شيطان " أو " ملاك شرير يتحكم في الإنسان، في حين أن تركيبة الإنسان واضحة ويعتبر الوعي هو المتحكم فيها.

خلاصة تركيبية للمحور:

من خلال تحليلنا لإشكالية " الوعي واللاوعي"، يتبين لنا، أنها قضية أثارت الكثير من الجدل بين علماء النفس والفلاسفة وحتى علماء البيولوجيا والطب. لأن نظرية التحليل النفسي التي قدمها فرويد خلال نهاية القرن 19م، أعطت فهما جديدا للسلوك الإنساني، قائم على أهمية العوامل اللاشعورية في حياة الإنسان، لكن مع تقدم علم النفس وتطور الدراسات العصبية ونمو مجال علم النفس المعرفي، أصبحت هذه النظرية متجاوزة في الكثير من جوانبها. وفي الأخير نتساءل:

ماهي الإيديولوجيا؟

 


الأحد، 18 فبراير 2024

المحور الأول: الإدراك الحسي والشعور

 

 الفئة المستهدفة: 1 باك

المادة: الفلسفة 

المجزوءة: الإنسان



المحو الأول: الإدراك الحسي والشعور

الوعي السيكولوجي: وعي الفرد بذاته وبالعالم الخارجي

إشكالية المحور: ما هو الوعي؟ هل هو إدراك حسي مباشر أم شعور ذاتي خالص؟

التصور الفلسفي العقلاني: موقف روني ديكارت 1596-1650م

 

" ولكن أي شيء أنا الآن إذن؟ أنا "شيء مفكر"، وما الشيء المفكر؟ إنه شيء يشك، ويفهم ويتصور، ويثبت وينفي، ويريد ويتخيل ويحس أيضا، حقا، إنه ليس بالأمر اليسير أن تكون هذه كلها من خصائص طبيعتي، ولكن لم لا تكون من خصائصها؟ ألست أنا ذلك الشخص نفسه الذي يشك الآن في كل شيء على التقريب، وهو مع ذلك يفهم بعض الأشياء ويتصورها، ويؤكد أنها وحدها صحيحة وينكر سائر ما عداها، ويريد أن يعرف غيرها، ويأبى أن يُخدع ويتصور أشياء كثيرة على الرغم منه أحيانا يحس منها بالكثير أيضا بواسطة أعضاء الجسد؟ فهل هنالك شيء يعادل في صحته اليقين بأني موجود حتى لو كنت نائما دائما، وكان من منحني الوجود يبذل كل ما في وسعه من مهارة لتضليلي؟ وهل هناك أيضا صفة من هذه الصفات يمكن تمييزها عن فكري، أو يمكن القول بأنها منفصلة عني فبديهي كل البداهة أنني أنا الذي أشك، وأنا الذي أفهم، وأنا الذي أرغب، ولا حاجة إلى شيء لزيادة الإيضاح."

روني ديكارت، تأملات ميتافزيقية، ترجمة عثمان أمين، نشر المكتبة الأنجلو مصرية، 1974، ص 98-100

أطروحة النص: يؤكد ديكارت أن الوعي أو التفكير هو الخاصية الأساسية للذات الإنسانية باعتبارها ذاتا تمتلك وعيا وعقلا وتفكيرا.

التصور الفلسفي التجريبي: موقف دافيد هيوم 1711-1776م

" هناك بعض الفلاسفة الذين يظنون أن لدينا في كل حين شعورًا حميمًا بما نسميه (أنا)، وأننا نحسٌ بوجُوده وباستمرار وجوده، وأننا متيقنون من هويته وبساطته التامتين يقينًا أكثر من ذاك الذي يكون بواسطة البرهان… أما من جهتي فإنني عندما أتوغل في أعماق ما أسميه (أنا) أصطدم دائمًا بهذا الإدراك الخاص أو ذاك، بالحرارة أو بالبرودة، بالنور أو الظلام، بالحب أو الكراهية، بالألم أو اللذة. فلا يمكنني أن أعقل نفسي (أنا) في أية لحظة من دون عملية إدراكية ما، ولا يمكنني أن ألاحظ إلا الإدراك. فعندما تزول إدراكاتي الحسية لمدة من الزمان، مثلما يكون ذلك في النوم الهادئ فإن شعوري (بأناي) يزول خلال النوم، ويمكن القول حقّا بأني لست موجودًا. فلو كانت جميع إدراكاتي قد زالت بالموت، وكنت لا أستطيع أن أفكر، ولا أن أحس، ولا أن أرى، ولا أن أحب، ولا أن أكره بعد تحلل جسمي، فإنني أكون قد غِبْتُ تمامًا، وأني لا أتصور شيئا أكثر من هذا ليجعل مني عدمًا بحتًا."

دافيد هيوم، منقول من “المختار من النصوص”؛ اختيار وتعريب محمود يعقوبي، مكتبة الشركة الجزائرية، 1972، ص 66-65

أطروحة النص: يولد الإنسان وعقله فارغ من كل معرفة كصفحة بيضاء، وبالتالي فالوعي هو التجارب الحسية التي يكتسبها الإنسان من خلال احتكاكه وتفاعله مع العالم الخارجي.

التصور العلمي: موقف عالم الأعصاب جون بيير شونجو:

الوعي نشاط عصبي فيزيولوجي.

-1 مؤلف النص :   هو عالم بيولوجي فرنسي يهتم بدراسة الخلايا العصبية للدماغ. من مؤلفاته " العقل واللذة " و " الأسس الطبيعية للأخلاق".

- 2 إشكال النص: ما هو الوعي؟ وهل يمكن تحديده بدقة؟

-3 أطروحة النص: يرفض شونجو كعالم بيولوجي أن يكون الوعي موضوعا للدراسات اللاهوتية والأدبية، بل يجب تفسيره وإخضاعه للتجارب العلمية الدقيقة. ويرى أن كل نشاط عقلي هو عبارة عن نشاط عصبي؛ فالحواس تتعرض إلى منبهات خارجية وتقوم بإرسالها إلى الجهاز العصبي الذي تقوم خلاياه، وبكيفية معقدة، بإحداث نشاط عقلي هو الذي يعبر عنه بما يسمى بالوعي.   هكذا يقدم لنا صاحب النص تفسيرا ماديا فيزيولوجيا لمسألة الوعي، والذي يلعب الإدراك الحسي دورا كبيرا في إنتاجه.

                                       الوعي يتطلب: 

  - الحواس      

 - الجهاز العصبي                               

  - العالم الخارجي

    4- مفاهيم النص : 

  - الوعي هو نشاط عقلي مرتبط بخلايا الجهاز العصبي للدماغ ولا يمكن تصوره بدونه.

   - النشاط العقلي هو نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا؛ أي أنه مرتبط بوظائف خلايا الجهاز العصبي.

 - التمثل هو عبارة عن صور عقلية ذات طابع مادي، لأنها مرتبطة بالخلايا و السيالات العصبية التي تغديها و تفرزها. 

المحور 2 : الوعي واللاوعي

المحور الثالث : الإيديولوجيا والوهم

-5  حجاج النص: 

يدحض صاحب النص الأطروحة التي يتبناها الكثير من الفلاسفة و اللاهوتيين الذين يخضعون الوظائف العليا للدماغ للخطابات اللاهوتية و الأدبية، و يعتبرون دراستها من اختصاصهم.   إن صاحب النص يرفض ذلك، ويدعو إلى دراسة الوظائف العليا للدماغ دراسة علمية دقيقة.   - أما أسلوب التعريف فيتجلى في تحديده للنشاط العقلي وللوعي باعتباره نشاطا عصبيا مشروطا فيزيولوجيا. ثم يلجأ إلى أسلوب التوضيح من خلال إعطاء أمثلة، والاستشهاد بعلماء وبتجارب ودراسات علمية. ويمكن توضيح هذه الأساليب الحجاجية من خلال ما يلي:

- النقد : ينتقد صاحب النص الخطابات الأدبية التي تؤكد أن الوعي موضوع فلسفي.

- التعريف : يعرف صاحب النص الوعي بأنه نشاط حسي مشروط فيزيولوجيا.

- النفي : ينفي صاحب النص أن يكون الوعي نشاطا غير عصبي.

- السلطة العلمية : يستشهد صاحب النص "بجاك مونو" الذي يؤكد أن الوعي هو تمثل للموضوعات الخارجية.

- الاستنتاج :  يستنج صاحب النص فرضية تتأسس على اعتبار الوعي عبارة عن موضوع حسي.



الأربعاء، 14 فبراير 2024

تقديم إشكالي لمفهوم الوعي:

 الفئة المستهدفة: أولى بكالوريا " جميع الشعب"

المادة: الفلسفة

المجزوءة: الإنسان



تقديم إشكالي:

الوضعية المشكلة


إذا كنا يقظين، نصغي إلى الأصوات القريبة والبعيدة، ونرى المسافات الشاسعة تحتوينا كما يحتوي الجو ذرات الغبار، ونشعر إلى ذلك بأن الأشجار تستمد عصارتها من دمنا والأزهار تعكس ألوان وجوهنا، وجدنا أننا في الواقع ملتقى قوى هائلة دقيقة تفعل في وعينا، وأن وعينا تغزوه الآلام فتزيد من نشاطه ومدته. وبذلك نصل في النهاية إلى القول إن ما يكفيه من الحياة هو الاستزادة من الوعي بها عن طريق القوى الهائلة الدقيقة فينا، من حسية وعاطفية وفكرية.

جبرا إبراهيم جبرا، أقنعة الحقيقة وأقنعة الحياة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1992، ص 14 و15.

تحليل الوضعية المشكلة:

يصف لنا النص مختلف الضغوطات التي تمارس على الوعي الإنساني، والتي تزيده قوة وصلابة. إن الحياة بأكملها تتغدى على هذا المنبع الحسي (ما نحس به) والوجداني ما نكنه في دواخلنا) والفكري (ما نفكر به).

تساؤلات:

هل وعينا فقط هو أساس تجربتنا الإنسانية؟ أليس هناك جانبا آخر من ذواتنا هو ما يحدد سلوكنا؟

هل نعرف أنفسنا حقا؟

ألا يمكن القول بأن وعينا ليس إلا وهما؟

 

التحديد المفاهيمي:

الدلالة العامة: اليقظة/ الغيبوبة، الانتباه/ الغفلة واللامبالاة.

الدلالة اللغوية: كلمة الوعي conscience مشتقة من الكلمة اللاتينية    conscienta وتعني شعور مصحوب بمعرفة

الدلالة الفلسفية: المعرفة التي يمتلكها الإنسان عن نفسه وعن العالم المحيط به.

يمكن تصنيف الوعي إلى ثلاثة مستويات:

أولا: الوعي البسيط Conscience spontané (العفوي والتلقائي): وهو الوعي بالأشياء، وهولا يتطلب مجهودا ذهنيا كبيرا.

ثانيا: الوعي السيكولوجي Conscience psychologique: هو الوعي بالذات من خلال الحواس والذاكرة.

ثالثا: الوعي التأملي Conscience réfléchie: وهو الوعي بالذات لكن بناء على الحواس وعلى العقل والخيال والاستبطان (التعمق في سبر أعماق النفس).

رابعا: الوعي الحدسيConscience intuitif: المعرفة التي تتم دون وساطة الحواس أو العقل، هو بمثابة الوعي الفجائي الذي يجعلنا ندرك دون البرهنة على ذلك.

خامسا: الوعي الأخلاقيConscience morale: يسمح لنا بإصدار أحكام قيمة على سلوكات نرفضها بناء على قناعات أخلاقية.

أستنتج: تعدد دلالات مفهوم الوعي وبالتالي عدة مفارقات تؤكد الطابع الإشكالي لهذا المفهوم:

الإدراك الحسي/ الإدراك العقلي، الوعي الذاتي / الوعي الجمعي، الوعي / اللاوعي، الوعي / الوهم

أتساءل إذن:

أولا: ما هو الوعي؟ هل هو إدراك حسي مباشر أم شعور ذاتي خالص؟

ثانيا: هل أفعال الإنسان تصدر عن وعي شفاف وما دور اللاوعي في ذلك؟

ثالثا: كيف يصبح الوعي الجمعي وهما؟ 



 

الثلاثاء، 13 فبراير 2024

تأطير إشكالي للمجزوءة: ماهو الإنسان؟

 

الفئة المستهدفة: 1 باك " جميع الشعب"

المادة: الفلسفة

المجزوءة : الإنسان



يعتبر سؤال الإنسان من أهم الأسئلة التي تهتم بها الفلسفة منذ نشأتها في اليونان مرورا بالعصر الحديث والفترة المعاصرة. وقد شكل هذا الموضوع مشكلة الفلسفة الأولى باعتبار أن الإنسان هو الكائن الوحيد

 الأكثر تطورا بين الكائنات الأخرى وبالتالي، القادر على الوعي بذاته والوعي بالعالم. وقد عُرف الإنسان بطرق متعددة:

 كالقول بأنه " الحيوان الصانع Homo Faber "إلى تعريفه ب"الحيوان المفكر  Homo Sapiens" مرورا بتعريفه ب    "الكائن الاجتماعي". ويعتبر الفيلسوف سقراط Socrate ( 470 ق.م- 389 ق.م) أول من دعا الإنسان إلى أن يعرف ذاته لأن معرفة الذات هي السبيل إلى معرفة حقيقة الأشياء يقول سقراط : " أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك، لتعرف الكون وتعرف الله" وقبله جعل السفسطائي بروتاغوراس " الإنسان مقياس كل شيء موجود وغير موجود". ليأتي بعد ذلك أرسطو ليضع الحدود بحثا عن ماهية الإنسان باستعمال قواعد الفكر والمنطق الأساسية. انتقلت الفلسفة مع الفيلسوف الألماني فردريك هيجل من طرح سؤال ما الإنسان؟ الذي ينزع إلى المقاربة الميتافزيقية الكلاسيكية إلى طرح السؤال من هو الإنسان؟ في الفلسفة المعاصرة لتحديد الإنساني في الإنسان.

إن حديثنا عن الإنسان هو حديث عن جوهره أساسا أي ماهيته وحقيقته. باعتباره يعيش في العالم ويدركه، ويلبي رغباته داخله وينتمي إلى مجتمع ويتكلم لغة ويعيش مع شعوب أخرى لكن في نهاية المطاف يبقى أعظم كائن لأنه الكائن الذي يعي ويعي أنه يعي. فهو مجرد قصبة لكن عظمته أنه "قصبة تفكر" كما يقول الفيلسوف بليز باسكال (1623.1662م).

مفارقات :

وبالتالي فالإنسان تتجاذب عدة ثنائيات من بينها: العقل/ اللاعقل، الوعي/ اللاوعي، الحقيقة/ الوهم الفطري/ المكتسب، الوحدة/ التعدد. الفرد/ الجماعة.

تساؤلات:

نتساءل إذن: ما هو الإنسان إذن؟ وكيف يدرك العالم؟ وكيف يوفق ما بين غرائزه الطبيعية ورغباته وما بين التزاماته تجاه المجتمع الذي يعيش داخله باعتباره كائنا اجتماعيا؟



 

 

 

 

 

الأربعاء، 7 فبراير 2024

المادة: الفلسفة

الفئة المستهدفة: 2 باك " الشعبة الأدبية"

مجزوءة: المعرفة

مفهوم: مسألة العلمية في العلوم الإنسانية



نموذج تحليل قولة فلسفية  مرفقة بسؤال:

" إن العلوم الإنسانية تجد نفسها في وسط الطريق بين التفسير والتنبؤ"

حلل هذه القولة مبرزا المنهج الملائم لدراسة الظاهرة الإنسانية هل هو التفسير أم الفهم؟

المقدمة:

        حاول الإنسان منذ أن وجد فهم وتفسير الظواهر المحيطة به، لذلك يسمى بالكائن العارف، ولقد بدأت محاولاته الأولى في تفسير العالم منذ نشأة الفلسفة في اليونان التي تجاوزت التفسيرات الأسطورية (الميتوس)، وذلك من خلال اعتماد العقل والبرهان (اللوغوس)، لكن رغم هذه المحاولة إلا أن الفلسفة لم تستطع إعطاء حقائق يقينية نهائية نظرا التجريدي والتأملي. وهذا ما حاولت العلوم تداركه بانفصالها عن الفلسفة خلال القرن 17م، وقد حققت نتائج باهرة وذلك باعتماد النظرية (الرياضيات) والتجربة. وقد حاولت العلوم الإنسانية إنتاج معرفة علمية عن الإنسان، خلال القرن 19م، بعد انفصالها بدورها عن الفلسفة، لكن اعترضتها مجموعة من العوائق الإبستمولوجية، وأهمها تلك المتعلقة ب"المنهج". والقولة الماثلة أمامنا، تندرج ضمن هذا الإطار الإشكالي أي "مجال إنتاج المعرفة العلمية حول الإنسان". وتعالج بالتحديد قضية التفسير والفهم في العلوم الإنسانية." ويحيل على عدة مفارقات: الذات/الموضوع، التفسير/الفهم السبب/ النتيجة، الثابت / المتغير...

وبناء على هذه المفارقات نستنتج التساؤلات التالية:

ما هو المنهج الملائم لدراسة الظواهر الإنسانية؟ هل هو منهج الفهم؟ أم منهج التفسير؟ هل الظاهرة الإنسانية تفسر وبالتالي تخضع لقانون السببية مثلها في ذلك مثل الظاهرة الطبيعية؟ أم أن الظاهرة الإنسانية تفهم؟ نظرا لخصوصيتها؟ ألا يمكن حينما نستعمل منهج الفهم أن نسقط في الذاتية وبالتالي تغيب عنا الموضوعية التي هي أساس العلمية؟

مطلب التحليل:

           جوابا على هذه الأسئلة المطروحة أعلاه، يؤكد صاحب القولة على أن العلوم الإنسانية تتأرجح بين التفسير والتنبؤ، أي أنها تبقى وسط الطريق، عكس العلوم الحقة التي حققت تقدما بفضل عمليتي التفسير والتنبؤ، وهو الأمر الذي يجعل العلوم الإنسانية في وضعية إبستمولوجية غير مستقرة.

معنى ذلك أن الظاهرة الإنسانية لا يمكن تفسيرها، بطريقة منهجية، كما أن المشتغل في حقل العلوم الإنسانية لا يستطيع أن يعمم النتائج المتوصل إليها، أي انه لا يستطيع التنبؤ بالظاهرة

وقد استثمر صاحب القولة جملة من المفاهيم الفلسفية أهمها مفهوم العلوم الإنسانية، ويقصد بها العلوم التي تدرس الإنسان، كعلم الاجتماع وعلم النفس. والتي ظهرت خلال القرن 19م على يد الوضعيين أمثال (كونت، دوركهايم..)، وحاولت تأسيس معرفة علمية للظواهر النفسية والاجتماعية والتاريخية. وكذلك مفهوم التفسير الذي يقصد به الكشف عن الأسباب والعلاقات المتحكمة في ظاهرة ما. ومفهوم التنبؤ وهو افتراض حدوث ظاهرة محددة بناء على قانون سببي.

إن العلاقة بين هذه المفاهيم هي علاقة تقابل وتعارض. لأن العلوم الإنسانية تظل في وضعية ابستمولوجية بين التفسير والتنبؤ.

برجوعنا إلى القولة نجدها تؤكد على أن العلوم الإنسانية تظل في وضعية ابستمولوجية متأرجحة بين التفسير والتنبؤ، وبالتالي لا تستطيع أن تقتدي بالعلوم الطبيعية لأن هذه الأخيرة لا تستطيع أن تفسر وتنبؤ في نفس الوقت، وهذا ما تعجز عنه العلوم التي تعنى بالإنسان لأن وضعيتها الإبستمولوجية معقدة نظرا لتداخل الذات والموضوع أو ما يسميه بياجي ب " تمركز الذات حول ذاتها"، هذا من جهة، ومن جهة أخرى وقوف العالِم الإنساني في منتصف الطريق بين التفسير والتنبؤ.

ونجد لهذه القولة حضورا قويا عند الأنثروبولوجي الفرنسي كلود ليفي ستروس، الذي يؤكد على أن العلوم الإنسانية لم تستطع لحد الآن، المضي بعيدا، فهي لا تقدم سوى تفسيرات فضفاضة وعامة تفتقد للدقة والموضوعية اللازمة في مجال العلم الحق. كما أنها لا تستطيع التوقع بشكل يقيني وأكيد. والسبب في ذلك راجع إلى الوعي، فالوعي بالظاهرة الإنسانية مكن من تحقيق الفصل بين الذات والموضوع. لكن هذا الوعي يكون سلبيا في حالة الموضوع الملاَحظ، فالإنسان حينما يحس أنه موضوع ملاحظة تجريبية قد يغير ذلك من مسار التجربة ويؤثر على موضوع الدراسة.

فمثلا عندما حاول دوركهايم تفسير ظاهرة الانتحار من وجهة نظر اجتماعية، فإننا لا يمكن أن نقول بأن نظريته صحيحة مائة في المائة، رغم بيان أسباب الانتحار فإننا لا يمكن أن نقول بأن نظرية صحيحة مائة فالمائة رغم بيان أسباب الانتحار فإننا لا نستطيع القول إن التفسيرات التي قدمها دوركهايم ترقى لمستوى الحقيقة العلمية الموضوعية.

أما في العلوم الحقة فهي على العكس تماما فبفضل المنهج التفسيري نستطيع أن نكشف عن أسباب الظاهرة ونتنبأ بها في نفس الوقت. فمثلا تبخر الماء، دوران الكواكب، سقوط الأجسام، ظاهرة الكسوف والخسوف...

من خلال تحليل هذه القولة يتبين لنا إذن أنها تراهن على أن المنهج التفسيري تعترضه مجموعة من العوائق الإبستمولوجية أهمها عجزه عن التنبؤ، وعدم دقته تفسيراته، إذن نتساءل: هل هذا معناه أن الإنسان لا نستطيع تفسير سلوكه وبالتالي وجب فهمه وبالتالي فالمنهج التفهمي هو المنهج الملائم لدراسة العلوم الإنسانية؟

مطلب المناقشة:

         قبل الخوض في مناقشة هذه القولة لابد من التأكيد أولا على قيمتها الفلسفية والتاريخية. فهي تعبر بوضوح عن موقف بنيوي معاصر، يؤكد على المنهج التفسيري تعترضه صعوبات كما أنها تعبر عن رأي واحد من أهم المشتغلين في حقل العلوم الإنسانية وهو كلود ليفي ستروس، فهذا الموقف إذن يعبر عن موقف واحد من المشتغلين في حقل العلوم الإنسانية خاصة الأنثروبولوجيا الثقافية وقد مارس عمله في الميدان لمدة طويلة.

لكن رغم أهمية هذه القولة إلا أن هناك مجموعة من المواقف الأخرى، فمن جهة يؤكد الاتجاه الوضعي ( إميل دوركهايم، أوغست كونت) على أن الإنسان قابل للتحديد العلمي الدقيق مادام جزءا من الطبيعة لذلك فهو يخضع لقوانين الطبيعة ويقبل التجريب، لذلك في فإن الظاهرة الإنسانية قابلة للتفسير السببي مثلها مثل باقي العلوم وهو ما حاول دوركهايم تطبيقه على مجموعة من الظواهر الإنسانية التي درسها باعتماد مؤشرات إحصائية ودراسات ميدانية تجريبية وفي اتجاه آخر يحضر موقف كارل بوبر الذي يؤكد بدوره على صعوبة تطبيق منهج التفسير لأن في نظره المنهج الملائم هو منهج الفهم، لأن الإنسان يُفهم ولا يُفسر، والظواهر المرتبطة به ليست ثابتة، بل إنها متغيرة باستمرار في الزمان والمكان فهي تتميز بالحركة  والتغير والنسبية التاريخية، الشيء الذي يجعل منها ظواهر غير قابلة للتفسير العلمي والدراسة.

مطلب التركيب:

          من خلال تحليلنا ومناقشتنا للقولة نخلص إلى أن إشكالية التفسير والفهم في العلوم الإنسانية قد أفرزت مجموعة من المواقف المتعارضة، فمن جهة يوكد صاحب القولة على صعوبة التفسير السببي، إلا أنه من جهة أخرى يعتبره الوضعيون منهجا مناسبا، أما كارل بوبر فإنه يعتبر أن المنهج المناسب هو منهج الفهم وليس منهج التفسير وربما هو الموقف الذي يثبت صحته نظرا لأن الإنسان كائن متعدد الأبعاد. وليس كائنا ذو بعد واحد كما يقول الفيلسوف الأمريكي هربرت ماركيوز. وفي الأخير نتساءل: هل معيار قياس علمية النظريات في العلوم الإنسانية هو مقارنتها بالعلمية الخاصة بالعلوم الحقة؟

الجوانب الشكلية :  تنظيم الورقة +  اللغة + تماسك الموضوع