dimanche 19 février 2023

المحور الثاني: الشخص بوصفه قيمة

 الفئة المستهدفة: الثانية بكالوريا

الشعبة أو المسلك: جميع الشعب والمسالك



 

 تحليل منهجي لنص جون بول سارتر:

 ( الكتاب المدرسي في رحاب الفلسفة)

مدخل إشكالي:

كل ما هو جدير باهتمام المرء وعنايته. وقيمة الشيء من الناحية الذاتية الصفة التي تجعل الشيء مطلوبا ومرغوبا فيه.

 ويطلق لفظ القيمة من الناحية الموضوعية على ما يتميز به الشيء من صفات تجعله يستحق التقدير.  أما مفهوم الشخص فيدل في معناه الفلسفي على عدة دلالات:

الشخص طبيعي: من حيث هو جسم ومظهر

معنوي: باعتباره ذات واعية

حقوقي: له حقوق وعليه واجبات

تساؤلات:

1.     من أين يستمد الشخص قيمته؟

2.     هل تتحدد قيمة الشخص بشكل أخلاقي؟ أم بشكل اجتماعي؟

3.     هل تتحدد قيمته باعتباره ذاتا مجردة أم باعتباره وسيلة مادية؟

أولا: مطلب الفهم

يندرج النص ضمن مجزوءة الوضع البشري وتحديدا مفهوم الشخص ويعالج قضية قيمة الشخص، والتي يمكن التعبير عنها من خلال الإشكالية التالية: أين تكمن قيمة الشخص؟ هل هو غاية في ذاته؟ أم مجرد وسيلة؟

ثانيا: مطلب التحليل

يؤكد صاحب النص على أن ما يمنح الشخص قيمته هو عقله الأخلاقي العملي باعتباره ذاتا أخلاقية لها قيمة مطلقة.

ينطلق صاحب النص من اختيار اعتبار الإنسان كائن عاقل وذو إرادة وبالتالي فإن قيمته تكمن في ذاته باعتباره غاية على خلاف الكائنات

 الأخرى غير العاقلة التي لديها قيمة مشروطة.

ينتقل صاحب في الفقرة الثانية للتأكيد على أن قيمة الشخص هي قيمة مطلقة بينما قيمة الأشياء الأخرى مشروطة لأن الإنسان من خلال عقله وإرادته يؤسس لأخلاقه.

ينتهي صاحب النص إلى فكرة أساسية مفادها أن العقل العملي الأخلاقي هو الذي يحدد الطريقة التي يجب التعامل بها مع الشخص وذلك من خلال صياغته لمبدأ أساسي للفعل الإنساني يسميه "الأمر المطلق" وصيغته كالتالي: " تصرف على نحو تعامل معه الإنسانية في شخصك كما في شخص غيرك دائما وأبدا كغاية وليس مجرد وسيلة إطلاقا!"

وقد وظف صاحب النص مجموعة من المفاهيم الفلسفية لتي انتظمت حولها الأطروحة نذكر منها:

الإنسان: هو كائن عاقل له قيمة مطلقة ويتصرف وفقا لمبادئ العقل العملي الأخلاقي. القيمة المطلقة: أي أن قيمة شخص غير محدودة إلا بالعقل أي أنها قيمة داخلية. القيمة المشروطة: أي أن الذي يحدد قيمة ما، هو النتائج المتوخاة منها وليس القيمة في ذاتها. 

الأمر المطلق: هو أمر قطعي تمت صياغته بشكل صوري مجرد وقد وضعه كانط باعتباره المبدأ الأخلاقي الأسمى وصيغته هي كالتالي: " تصرف على نحو تعامل معه الإنسانية في شخصك كما ف شخص غيرك كغاي دائما وأبد وليس مجرد وسيلة إطلاقا!".

إن العلاقة التي تجمع هذه المفاهيم هي علاقة تكامل وترابط لأن قيمة الإنسان هي قيمة مطلقة وليست مشروطة، وعلى الإنسان أن يتصرف وفق مبدأ " الأمر المطلق".

كما وظف صاحب النص مجموعة من الحجج لدعم أطروحته هي كالتالي:

حجة المقارنة: حيث يقارن صاحب النص بين الإنسان والكائنات غير العاقلة. حجة النفي: حيث ينفي صاحب النص أن يكون الإنسان وسيلة.

حجة التعريف: حيث عرف الموجودات العاقلة " تدعى أشخاص لأن طبيعتها تدل عليها."

حجة المقابلة: حيث يوظف النص مجموعة من التقابلات (العقل / الميل، الغاية/الوسيلة، القيمة المطلقة/ القيمة المشروطة.)

قبل الانتقال إلى المناقشة نستنتج بأن صاحب النص يؤسس قيمة الشخص بشكل داخلي ميتافزيقي بمعنى أنه قد أغفل الجانب

 الاجتماعي للإنسان. لذلك نتساءل كيف تتأسس قيمة الشخص اجتماعيا؟

ثالثا: مطلب المناقشة

تتجلى قيمة النص في تأكيد كانط على الجانب الأخلاقي في الإنسان باعتباره غاية في ذاته أما من الناحية الفلسفية والتاريخية فقد أثر هذا

 الموقف في بلورة فكرة حقوق الإنسان الكونية التي تقتضي بأن الشخص يظل ذا قيمة عليا بغض النظر عن دينه أو عرقه أو جنسه أولونه...لكن رغم قيمة هذا الموقف إلا أنه يظل ذا طابع ميتافزيقي منغلق ومجرد، وهو النقد الذي له كانط من طرف مجموعة من الفلاسفة أهمهم:

جورج غوسدورف الذي يؤكد في رده على كانط أن قيمة الشخص لا تتحقق بشكل فردي في استقلال تام عن الجماعة، بل إن هذه القيمة لا  يكتسبها الشخص الأخلاقي إلا من خلال المشاركة والتضامن مع الآخرين في إطار الحياة الاجتماعية ويمثل هذا الرأي تجاوزا لفكرة كانط  المتميزة بطابعها الميتافزيقي المجرد. أما الفيلسوف الألماني فردريك هيجل فيؤكد بدوره أن قيمة الشخص لا تحدد إلا بانخراطه في الدولة ولقوانينها باعتبارها التجسيد الفعلي لكل ما هو أخلاقي وباعتبارها تجسيد لروح الأمة لذلك لا يمكن للإنسان أن يكتسب قيمته الأخلاقية إلا في إطارها.

أما بالنسبة للتصور الليبرالي المعاصر لجون راولز فهو يؤكد على أن الشخص مواطن حر، وعضو فعال داخل المجتمع. بالتالي فقيمة الشخص تتحدد من خلال امتلاكه لكفاءات عقلية وأخلاقية تمكنه من التعاون مع الآخرين والمساهمة في بناء المجتمع وفي إطار المسؤولية وتكافؤ الفرص بمعنى أن الشخص يمكنه أن ينال أي مكانة في المجمع وفقا لكفاءته وبغض النظر عن انتماءاته العرقية أو الدينية أو الجنسية ...الخ.

رابعا: مطلب التركيب 

من خلال التحليل والمناقشة يتبين لنا أن إشكالية قيمة الشخص قد أفرزت مجموعة من المواقف الفلسفية، فمن جهة يؤكد النص على أن الشخص يكتسب قيمته بشكل داخلي باعتباره ذاتا لعقل أخلاقي عملي ومن جهة أخرى يذهب تصور غوسدورف إلى ربطها بالبعد الاجتماعي الواقعي، نظرا لاستحالة تأسيس أخلاقية ميتافزيقية بمعناها الكوني. أما التصور الليبرالي لرولز فيؤكد على أن القيمة تتأسس اجتماعيا، من خلال فاعلية الفرد داخل مجتمعه. أما فيما يتعلق بموقفي الشخصي فإنني أرى أن لكل موقف فلسفي ما يبرره من الناحية الفلسفية والتاريخية وهو ما يؤكد الطابع النسبي المنفتح للفكر الفلسفي، ولكنه لا يمكن حصر قيمة الشخص في بعد واحد دون بعد، آخر فانسجام الأبعاد الذاتية والاجتماعية والأخلاقية في الفرد هو ما يمنحه قيمته، وهذه القيمة ليست نهائية، بل تتطور بتطور الذات الإنسانية.

وفي الأخير نتساءل: هل الشخص حر أم خاضع للضرورة؟

 



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire