الفئة المستهدفة: الثانية بكالوريا
الشعبة
أو المسلك: جميع الشعب والمسالك
تحليل منهجي لنص جون بول سارتر:
( الكتاب المدرسي في رحاب
الفلسفة)
أولا: مطلب الفهم
يتأطر
النص ضمن مجزوءة الوضع البشري، تحديدا مفهوم الشخص. كما يعالج قضية الشخص بين
الضرورة والحرية. ويمكن صياغة إشكاله على النحو التالي:
هل الشخص حر؟ وما الذي يحدد ماهيته؟ وكيف يصنع الإنسان نفسه عبر
الحرية؟
ثانيا: مطلب التحليل
يؤكد
صاحب النص على أطروحة فلسفية مفادها أن الإنسان لا تتحدد ماهيته قبل وجوده إنه
مشروع يتميز بالتعالي على وضعيته من خلال تجاوزه لوضعيته، عبر الشغل والفعل
والحركة (PRAXIS).
وبمثل هذا الموقف تجاوز للفلسفات الحتمية التي تنفي حرية الإنسان (الماركسية، البنيوية، علم الاجتماع، التحليل النفسي...). الإنسان يتجاوز دائما الوضعية التي يوجد فيها ويتجاوزها بالتعالي عليها لكي يتموضع بواسطة الشغل والفعل والحركة. ينطلق النص من الحديث عن الحرية والاختيار التي يراها هي الخطوة نحو التموضع في المستقبل والتي تفتح المجال للإنسان، أي أن حريته واختياراته هي التي تحدد تموضعه. يعتبر سارتر أن المنهج الذ يختزل الإنسان في بعد واحد مطلق، يكون قد أغفل أبعاده الحقيقية الأخرى التي تحدد ماهية الإنسان. وبالتالي المنهج الجدلي كما يراه سارتر فهو يعطي للذات أهميتها لكن دون أن ينفي الواقع.
وظف
صاحب النص مجموعة من المفاهيم الأساسية هي:
التعالي: هو خاصية الذات التي لا تنفصل
عن حريتها، ويرتبط بقصدية الوعي بقدته على الإحالة إلى ما هو خارج الوعي.
المشروع: هو مفهوم اقتصادي في الأصل
ووظف في المجال الفلسفي عندما يعتبر الإنسان مشروع قد يكون الإنسان موضوعه أو قد
يكون المجتمع هو صاحب هذا المشروع.
الإرادة: صفة تميز الطبع وهي قرار الفعل
أو عدم الفعل وبالتالي القدرة على التصرف تبعا لما يمليه العقل.
المنهج الجدلي: وهو عملية أو
صيرورة بمثابة قانون تحكم الفكر والواقع عن طريق الصراع بين الأفكار وتنتقل من
أطروحة إلى نقيضها ثم إلى التركيب.
الحرية: هي القدرة على الفعل من أجل
التموضع في المستقبل ويربط سارتر الحرية بالمسؤولية.
إن العلاقة بين هذه المفاهيم هي علاقة
تكامل وترابط، لأن الشخص يحقق مشروعه من خلال الحرية والإرادة التي تمكنه من
التعالي على الواقع بطريقة جدلية.
الأساليب الحجاجية:
لقد
وظف صاحب النص مجموعة من الأساليب والحجج للدفاع عن أطروحته:
حجة المقابلة: ذات / آخر،
بسيط/مركب، الحتمية/ الحرية، حرية مطلقة/ حرية صنمية.
حجة التعريف: حيث يعرف الإنسان من خلال قوله: " الكائن المادي الذي يتجاوز دائما الوضعية التي يوجد فيها."
حجة النفي: من خلال نفيه صفة الصنمية عن
الحرية. " لا يمكن، لا علاقة لها بهذا العالم".
ثالثا: مطلب المناقشة
تتجلى
قيمة النص في كونه يدافع عن الحرية بشكل كبير التي يربطها بالمجتمع حيث يحقق الشخص
ذاته
باعتباره مشروعا. ويمثل هذا الموقف تجاوزا للأطروحات " الحتموية" القائلة بأن الإنسان غير حر
مثل
الماركسية البنيوية والتحليل النفسي والنظريات الاجتماعية الحتمية... وذلك خلال
القرن 20م.
أما
في اتجاه معاكس للنص نجد تصور التحليل النفسي لسيجموند فرويد حيث ترتبط حرية الشخص
بضرورات وإكراهات نفسية حيث يصير الأنا مجرد تابع خاضع لإملاءات اللاشعور ولبنية
الجهاز النفسي.
أما
الفيلسوف الهولندي باروخ اسبينوزا فيؤكد في
نفس الاتجاه أن الشخص محكوم بالضرورة الطبيعية، والتي تحكم كل الموجودات، وما
اعتقاد الشخص بأنه حر سوى وهم لأنه يجهل الأسباب التي تتحكم في أفعاله.
خامسا: مطلب التركيب
من
خلال تحليلنا ومناقشتنا للنص يتبين لنا أن إشكالية الشخص بين الضرورة والحرية قد
أفرزت مجموعة من المواقف الفلسفية، فمن جهة يؤكد النص على أن الشخص يتمتع
بحرية مطلقة في اختياراته من خلال الحركة والممارسة. ومن جهة أخرى يؤكد الفيلسوف
اسبينوزا على دور الضرورة الطبيعية في تحديد السلوك الإنساني. فرويد
فيؤكد على خضوع الفرد للحتمية النفسية للاشعور. أما من وجهة نظري فإنني أجد أن
تعدد المواقف الفلسفية لا يؤكد إلا تعقد الإشكالية، وهو ينم ويعبر عن طبيعة
الفكر الفلسفي القائم على تعدد وجهات النظر فكل موقف صحيح من ناحية ما بالتالي
فكل هذه المواقف متكاملة فيما بينها رغم تناقضها الظاهري. وفي الأخير نتساءل: هل يحد الغير من حرية الشخص؟