الثلاثاء، 5 يناير 2021

مفهوم: الرغبة




 
الفئة المستهدفة: أولى بكالوريا علوم وآداب

مفهوم: الرغبة

تأطير إشكالي:

يعتبر الإنسان حيوانا راغبا، ذلك أن له حاجات بيولوجية مثله مثل الحيوانات الأخرى، لكنه يتميز عنها بالرغبة لأنه يسعى إلى تحقيق حاجاته بأشكال وفي أوقات مختلفة، وبحسب ما يريد وهذا يعني أن الرغبة لها علاقة وطيدة بالإرادة والعقل. كما يكتنف مفهوم الرغبة غموضا مرتبطا بالأبعاد الأساسية للإنسان، بجسده وانفعالاته الوجدانية وإرادته العاقلة.

هكذا فللإنسان رغبات وجدانية واجتماعية وجمالية وغيرها.

تساؤلات المفهوم:

ماهي طبيعة الرغبة؟ هل هي ذات طبيعة نفسية لاشعورية؟ أم ذات طبيعة ثقافية اجتماعية؟ وما علاقة الرغبة بالحاجة؟

كيف تتفاعل الرغبة مع العقل والإرادة؟ وهل نحن أحرار فيما نرغب فيه؟

هل تتحقق السعادة بتحقيق الرغبة؟

المحور الأول: الرغبة والحاجة

التصور النفسي: ميلاني كلاين 1882-1960

إشكالية النص: كيف تنبثق الرغبة عن الحاجة؟ ما دور إشباع الرغبة أو إحباطها في تثبيت الأنا وتكوين شخصية الطفل؟

أطروحة النص: شخصية الإنسان الراشد هي حصيلة الإشباعات والاحباطات التي تعرضت له رغباته في الطفولة؟ خصوصا الرغبة في ثدي الأم.

أفكار النص:

1-      ينطلق النص من التأكيد على أن الطفل في علاقته بثدي أمه يلبي حاجاته إلى الطعام وفي نفس الوقت يحقق رغباته اللاشعورية، المتمثلة في التخلص من دوافعه العدوانية وقلقه الاضطهادي.

2-      ينتقل النص في الفقرة الثانية إلى التمييز بين طريقين في الرضاعة: الأولى منتظمة، حيث لا تلبي الأم رغبة الطفل في ثديها كلما بكى، بل تترك له الفرصة للبكاء، وبالتالي تحقيق رغباته اللاشعورية والتنفيس عن قلقه واندفاعاته التدميرية. أما الطريقة الثانية، فهي عشوائية لأن الأم تلبي طلب الطفل لثديها كلما بكى وبالتالي يحس بالإحباط لأن رغباته اللاشعورية لم تتحقق.

3-      الطريقة المنتظمة في الرضاعة يكون لها الأثر الإيجابي في شخصية الطفل، من خلال تثبيت أناه و تكوين مفهوم الواقع لدية وبالتالي حصوله على شخصية متوازنة في المستقبل يعمل على تعويض إحباطه الطفولي بأنشطة إبداعية عبر عملية الإعلاء.

 

خطاطة تلخيصية:


        
                                                  عدم إشباع الرغبة= الحرمان

 ↓                                                             

الوعي بالعالم الخارجي             تكيف مع الوسط الخارجي  التسامي من خلال أنشطة إبداعية

                                      ↓


   ↓                                                              ↓


تشكيل وتثبيت الأنا واستدماج مفهوم الواقع                  إمكانية التخلص من الدوافع والقلق الاضطهادي

 

التصور الأنثروبولوجي: رالف لنتون 1893_1953

إشكالية النص: كيف تعمل الثقافة على توجيه الرغبة؟

أطروحة النص: يتبنى الأنثروبولوجي رالف لنتون أطروحة مفادها أن الثقافة تعمل على توجيه الحاجات الإنسانية ويقسمها إلى ثلاث أنواع من الرغبات:

الرغبات البيولوجية: تعتمد على الخصائص الجسدية للإنسان مثل المسكن والمأكل والمشرب وهي ضرورة حيوية مشتركة بين الإنسان وباقي الكائنات الأخرى.

الرغبات الاجتماعية: تنشأ من خلال العيش داخل الجماعة البشرية والرغبة في التواصل داخل إطار اجتماعي.

الرغبات النفسية: وتربط بالبعد النفسي للفرد مثل الحاجة إلى السعادة وتحقيق الذات والتواصل والتعاطف.

المحور الثاني: الرغبة والإرادة

تأطير إشكالي:

تعني الرغبة تحويل الحاجة إلى ميل متصل بشيء أو موضوع يفتقده الإنسان ويسعى للحصول عليه، أما الإرادة فهي القدرة على الاختيار والتصرف وفق ما يمليه تفكير الفرد.

نتساءل إذن: هل هناك علاقة بين الرغبة والإرادة وكيف يعي الإنسان رغبته وهل يتحكم فيها؟

 

 

التصور الفلسفي لباروخ سبينوزا (1632-1677)

إشكالية النص: ما علاقة الرغبة بالإرادة؟ وهل نعي رغباتنا؟ ونتحكم فيها؟

أطروحة النص: يتبنى صاحب النص موقفا مفاده أن الرغبة هي ماهية الإنسان وهي شيء غريزي فيه، وحينما نشتهي شيئا ما ونرغب فيه فإننا نميل إليه، الرغبة إذن هي شهوة " مصحوبة بوعي بذاتها".

مفاهيم النص:

الإرادة: هي القدرة على الاختيار وفق ما يمليه تفكير الفرد.

الشهوة: هي ميل غريزي لدى الإنسان وحينما تعي هذه الشهوة ذاتها تسمى رغبة.

الرغبة: هي الشهوة المصحوبة بوعي بذاتها.

العلة الغائية: هي العلة التي تكون غاية الفعل مثل الجلوس.

العلة الفاعلة: هي العلة التي تكون سبب وجود الشيء مثل النجار.

العلة الصورية: هي الشكل الذي تتخذه تلك الغاية مثل مستطيل.

حجاج النص:

حجة المثال: مثال " السكن"

حجة التأكيد: إننا لا نسعى...

حجة النفي: لا نعي شيئا غير....

المناقشة: التصور النفسي: جاك لا كان 1901-1981

يعتبر جاك لاكان الرغبة خارجة عن إرادة الذات والوعي لأنها تنتمي إلى منطقة اللاشعور وبالتالي فإن الرغبة هي إرادة لا واعية تسيطر على الإنسان دون أن تكون له قدرة على التحكم فيها. يقزل جاك لا كان: " إن اللاشعور لغة يوجد وراءها الشعور وهنا بالضبط تتموضع وظيفة الرغبة."

خلاصة تركيبية للمحور:

تعتبر الرغبة والإرادة مفهومان إشكاليان توجد بينهما علاقة جدلية. بحيث أن الإرادة هي قدرة على الاختيار بينما الرغبة هي ميل غريزي في الإنسان. إذن هناك اختلاف في مواقف الفلاسفة حول تصورهم لهذه العلاقة فهناك من يعتبر أن الإنسان يتحكم في رغبته كما ذهب إلى ذلك " سبينوزا" وهناك من يعتبر الرغبة خارجة عن إرادة الذات كما يقول " جاك لاكان" الذي يعتبر الرغبة لاشعورية في الإنسان.

المحور الثالث: الرغبة والسعادة

تأطير إشكالي: بعدما رأينا علاقة الرغبة بالإرادة نتطرق الآن لتحليل العلاقة بين الرغبة والسعادة، وتعني السعادة الحالة النفسية المميزة بالنشوة والرضى إذن يمكن أن نطرح التساؤلات التالية:

ما علاقة الرغبة بالسعادة؟

هل يمكن أن يكون الإنسان سعيدا بتلبية حاجاته؟

التصور العقلاني: رونيه ديكارت 1596-1650

إشكالية النص: ما علاقة الرغبة بالسعادة ما علاقة الرغبة بالبهجة؟

أطروحة النص: إن الرغبات حسب " ديكارت" متعددة حسب موضوعاتها، والبهجة هي التي تولد إحساسا عظيما بما يبهجنا، وأحسن الرغبات وأعلاها هو " الحب".

حجاج النص:

حجة التأكيد: "إن الطبيعة..."

حجة النفي:" لا نسعى إلى شيء ولا نريد..."

حجة المثال: " إننا لو أخذنا مثلا الفضول..."


حجة التقابل: الحب       الكراهية      البهجة          النفور

حجة الاستفهام: فما الرغبة التي تولدها البهجة؟

حجة التعريف: «الإحساس بالبهجة يسمى عادة الحب"

حجة العرض والتوضيح: " إن الابتهاج الرئيسي..."

استنتاج للنص:

نستطيع أن نتبين مع ديكارت ارتباط الرغبة بالسعادة فإذ يقر بتعدد الرغبات. وتغيرها بحسب تعدد موضوعاتها, فالرغبة المتولدة عن الإحساس بالبهجة هي أقوى الرغبات المتمثلة في الميل نحو شخص ما نعتقد فيه صفات الكمال الذي بامكانه أن يشكل ذاتنا الأخرى. والميل الذي يعكس هذه الرغبة هو "الحب".

المناقشة: تحليل موقف أبيقور 342 ق.م 270 ق.م

أطروحة النص: يعتبر أبيقور أن تحقيق اللذة هو غاية الحياة السعيدة، ما دامت الذات الإنسانية في سعي مستمر نحو التخلص من الآلام والاضطرابات.

ويقسم أبيقور اللذات إلى نوعين:

اللذات الطبيعية: ويعتبرها ضرورية للجسم والاستمرار في الحياة.

اللذات الحسية: وهي التي لا تشكل ضرورة للإنسان.

يتضح إذن أن الموقف الأبيقوري هو موقف يعتبر اللذة شيئا مهما وضروريا عكس بعض الفلاسفة الذين اعتبروها شيئا يجب التخلص منه.

خلاصة تركيبية:

يتبين من خلال تحليلنا لمفهوم الرغبة أنه م بين المفاهيم الفلسفية التي استأثرت باهتمام الفلاسفة عبر التاريخ. وقد أفرزت عدة إشكالات مرتبطة أساسا بمفاهيم الحاجة والإرادة والسعادة. فالرغبة مرتبطة بالجانب النسي اللاشعوري حسب ميلاني كلاين، وهي حسب لنتون ذات علاقة بالجانب الاجتماعي. ومرتبطة بالإرادة حسب سبينوزا مرتبطة باللاشعور وبالتالي خارج عن إرادة الإنسان حسب جاك لاكان. وأخيرا تحقيق الرغبة هي وسيلة لتحقيق السعادة حسب أبيقور وديكارت. أما حسب ابن مسكويه فهي طريق للشقاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق