samedi 16 janvier 2021

نموذج تحليل سؤال إشكالي مفتوح: مفهوم الغير



الفئة المستهدفة: 2 باك جميع الشعب

هل وجود الغير ضروري لوجود الشخص؟

 

أولا: المقدمة  4ن

         انطلاقا من المفاهيم المتضمنة في هذا السؤال الفلسفي قيد الاشتغال (الحرية، الشخص، الغير ...) يتضح لنا أنه يتموضع داخل مجال مجزوءة الوضع البشري التي تهتم بدراسة الإنسان في بعديه الرئيسيين المتمثلين في البعد الذاتي والبعد العلائقي. كما يعني جميع المحددات التي تحدد وتتحكم في الوجود الانساني وتميزه عن باقي الكائنات الأخرى ويتأطر السؤال تحديدا  ضمن مفهوم الغير الذي يقصد به الأنا الذي ليس أنا والذي يشبهني في كونه ذات واعية ومفكرة، وفي نفس الوقت يختلف عني، وبالتمعن في دلالة هذا السؤال الفلسفي المطروح نجده يسلط الضوء على إشكالية وجود الغير وبذلك فهو  يفضي الى مفارقة واضحة تتمثل في أن وجود الغير إيجابي وضروري من جهة باعتباره العنصر الأساسي الذي تدرك به الأنا ذاتها ووجودها باعتباره الوسيط الوحيد الذي تعي به الأنا ذاتها، فمن خلال إحساس الذات بالغير تحس بذاتها ومن خلال معرفة خصوصية الغير ندرك خصوصياتنا، إلا أنه من جهة أخرى يعتبر وجود الغير تهديدا لكيان الشخص وسالبا لحرية الأنا وعفويتها بل أكثر من ذلك فوجود الغير يقضي على كل خصوصية وتميز للأنا ومن تم تذوب الأنا في ذلك الوجود وترفع بذلك من سلطة الغير إذن استنادا إلى هذه المفارقة الفلسفية يمكننا طرح مجموعة من الاشكالات من قبيل : هل وجود الغير ضروري لوجود الشخص؟ أم أنه غير ضروري؟ أم هما معا؟

ثانيا: التحليل

     إذن كخطوة أولية لمقاربة الإشكال الذي ينطوي عليه السؤال المطروح ومناقشة إشكالياته المطروحة أعلاه يقتضي الأمر الحسم مع الحروف والألفاظ والمفاهيم المؤثثة لبنيته حيث نجد أنه يفتتح بحرف استفهام هل يحمل في طياته سؤال استفهام للتخيير بين قضيتين متقابلتين يحتمل الإجابة عنها إما بنعم أو لا، فمن جهة يمكن القول نعم وجود الغير ضروري لوجود الشخص. ومن جهة أخرى يمكن القول لا وجود الغير غير ضروري لوجود الشخص. أما مفهوم الشخص فيحمل في دلالته تعريفا يمكن اعتباره على أنه " الذات الواعية القادرة على التمييز بين الخير والشر وتشترك في وجودها مع وجود الغير".  والغير يقصد به " الأنا الذي ليس أنا والذي يشبهني ويختلف عني في نفس الوقت." وتكمن العلاقة بين هذه المفاهيم في أنها علاقة تقابل، وهو ما يفضي بنا إلى أطروحة فلسفية مصرح بها هي أن " وجود الغير ضروري لوجود الشخص". إذ بدونه لا يمكن للشخص أن يعرف ذاته وأن يعي إمكاناته، لأنه بوجود الغير يدخل الشخص في علاقة جدلية مع الطرف الآخر ومن خلال الصراع معه يدرك إمكانياته كما يدرك حدوده، وأحيانا لا ينتزع اعترافه به كشخص حر إلا من خلال الغير. وهي الأطروحة التي نجد لها حضورا قويا لدى الفيلسوف الألماني فردريك هيجل 1770-1831م الذي يعتبر أن الغير الوسيط أساسي لتحقق الأنا الاعتراف بها كذات واعية ومستقلة، فكل من الأنا يسعى لنزع الاعتراف به كذات حرة وواعية، إلا أن هذا الاعتراف لا يمنح بشكل سلمي، وإنما ينتزع عبر صراع يخاطر فيه الطرفان معا بحياتهما حتى الموت، ولكن الموت الفعلي لا يحقق هذا الاعتراف، بل يحققه استسلام أحد الطرفين، بتفضيله حياة التبعية على الموت الفناء. وبالتالي فوجود الغير حسب هيجل ضروري لوجود الأنا، مادام أن السيد لن يكون سيدا إلا بوجود العبد الذي يعترف له بهذه السيادة، يقول هيجل " الحرية هي الصراع من أجل انتزاع الاعتراف". ولتأكيد هذه الفكرة يمكن استحضار الكثير من الأمثلة سواء من الواقع المعيش، الذي يؤكد أنه لا يمكن للإنسان أن يحس بأناه وذاته إلا من خلال الآخر ولو كان الصراع هو الذي يطبع أحيانا العلاقة بين شخصين، فمن خلال الصراع تدرك كل واحد منهما ذاته كما الآخر.   ورغم أهمية التصور أعلاه نتساءل: هل بالفعل الغير عنصر لابد منه من أجل الشخص؟

ثالثا: المناقشة

 جوابا على هذا السؤال نستحضر بعض المواقف الفلسفية التي تؤكد العكس باعتبار أن الغير ما هو إلا مصدر سلب وقضاء وتوقيف لحرية الأنا. ووجودها مع الغير يشكل تهديدا لها حيث تفقد الأنا ماهيتها وتفردها وتقع تحت قبضة الغير الذي يلغي خصوصيتها ويرغمها على التخلي عن وجودها وتصبح الأنا بمعنى الشخص فاقدا لأي حرية شخصية.

وهو ما يؤكده مثلا الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر 1889-1976 الذي يؤكد عكس هيجل في كتابه " الوجود والزمان"، الشخص الذي يسميه " الدازين"،بمعنى الشخص الحر المنفتح على الوجود، ليس في حاجة إلى وساطة لمعرفة ذاته ووجوده، لأنه الغير ليس إلا عنصر تهديد، لأنه يفرغ الذات من كينونتها ووجودها الأصيل، ويختفي ضمير الفرد " أنا"، ليتحول ليهيمن ضمير " النحن"، وبالتالي يذوب الشخص في الجماعة، ويفقد أصالته، وهو الأمر الذي يميز العالم الحديث كما يقول هايدجر، خاصة مع ظهور وسائل النقل الحديث والإعلام والرياضة، التي تقوم بتذويب هوية الشخص وكينونته في ضمير الجماعة. وفي نفس الاتجاه فإن نظرة الغير للشخص فما هي إلا بمثابة السبب الرئيسي لفقدان الأنا لحريتها وعفويتها. ففي تجربة الشعور بالخجل مثلا حسب جون بول سارتر 1905-1980م الإنسان حينما يكون وحده فإنه يتصرف بعفوية وتلقائية وحرية دون قيد أو شرط وما أن ينتبه إلى أن أحدا ما يراقبه حتى تتجمد أفعاله وحركاته ويفقد عفويته وتلقائيته بل أكثر من ذلك يصبح وجوده لا قيمة له ويذوب وجوده في وجود الأغيار الذين يسلبونه كينونته وتميزه فيصبح مقيدا ضمن ضمير الجماعة "نحن". لكن رغم هذا التهديد الذي يمارسه الغي حسب سارتر إلا يبقى شرطا ضروريا لتدرك الذات نفسها حسب سارتر.

رابعا: التركيب

من خلال تحليلينا ومناقشتنا للسؤال الفلسفي أعلاه يتبين أن إشكالية وجو د الغير، قد أفرزت مجموعة من التصورات الفلسفية المتعارضة: فمن جهة يذهب الاتجاه الأول الذي يمثله الفيلسوف هيجل إلى أن الغير شرط ضروري لمعرفة الذات لذاتها ولتحقيق الاعتراف بها. أما الاتجاه الثاني: فيؤكد أن وجود غير عنصر تهديد لحرية الشخص وكينونته ووجوده الأصيل، مادام يفقد الذات من حريتها وأصالتها ويدمجها في الجماعة وفي ضمير النحن. أما سارتر فيؤكد على تصور توفيقي بين كلا الأطروحتين ويؤكد أن الشخص شرط ضروري لوجود الشخص ولمعرفته لنفسه، وفي الوقت يشكل تهديدا عبر نظرته وسلبه لحرية الشخص. وهو الموقف الذي نجده منسجما مع موقفنا من الإشكالية، لأن الغير ورغم تهديده والصراع معه، إلا أنه من خلال ذلك الصراع نحقق معرفتنا بذاتنا وبحريتنا.

وفي الأخير نتساءل: إن كان الشخص شرط لمعرفة الذات، فهل يمكن معرفة الغير؟ أم أن معرفته تظل مستحيلة؟

 


mardi 12 janvier 2021

منهجية تحليل السؤال الإشكالي المفتوح:

 

ما المقصود بالسؤال الإشكالي المفتوح؟

تعريف: السؤال الإشكالي المفتوح تساؤل فلسفي يتضمن مفارقة واحدة، ويحيل على موقفين فلسفيين أو علميين مختلفين على الأقل. يتميز السؤال الإشكالي عن السؤال العادي أو المعرفي ب:

الإحالة المباشرة أو غير المباشرة على أكثر من موقف فلسفي أو علمي. تضمنه لمفارقة أو أكثر (هذا مع العلم أن الصيغة التي يطرح بها قد تكون متضمنة للمفارقة، كما يمكن حذف أحد طرفيها، إلا أنه أثناء الإجابة يجب استحضارها.

كيف أجيب عن السؤال الإشكالي المفتوح؟

ملاحظة: السؤال الإشكالي: هو الاختيار الأول من ضمن الاختيارات الثلاثة التي يأتي بها الامتحان.

يحيل السؤال، بشكل مباشر أو غير مباشر، على موقف فلسفي أو علمي من المواقف المكونة للمقرر.

يأتي السؤال منفرد دون أن يرفق بشيء آخر، فهو في حد ذاته سؤال يحتاج إلى جواب (التحليل والمناقشة)

على مستوى المعالجة، يتم تتبع نفس خطوات تحليل النص والقولة، مع وجود بعض الاختلافات.

أثناء معالجة السؤال، يجب   جنب العبارات: نعم، لا، فهذه صيغ تقريرها يرفضها السؤال.

من أجل تحليل السؤال الإشكالي المفتوح نقوم باتباع الخطوات التالية:

أولا: مطلب الفهم

نقوم فيه بمايلي :

1.تمهيد مناسب للسؤال: تأطير عام له، يتم الأخذ فيه بعين الاعتبار موضوعه ومجال انتمائه (المجزوءة والمفهوم)

2. توسيع السؤال الإشكالي: اعتباره السؤال الأصل، ثم محاولة صياغة أسئلة فرعية انطلاقا منه، وذلك لغرض تحديد الإشكالية الواردة فيه. (تحديد أبعاد السؤال الأصلي)

ثانيا: مطلب التحليل:


1.شرح المفاهيم والمفردات المكونة للسؤال، مع تبيان العلاقات الموجودة بينها.

2.تحديد الأطروحة أو الأطروحات التي يحيل عليها السؤال مع شرحها وتوضيحها (تلافيا للوقوع في الخطأ، يستحسن عدم ذكر أصحابها، حتى ولو كانت تتشابه مع مواقف سبق لك الوقوف عليها في الدرس)

3.البناء الحجاجي للمضامين الفلسفية مع إمكانية افتراض حجج واقعية (براهين واستدلالات واقعية وعقلية/ أدلة وصفية وتاريخية/ أمثلة/ شهادات وأقوال الفلاسفة)

ملحوظة: في السؤال لا يتم تقديم أساليب بلاغية أو روابط لغوية ومنطقية.

ثالثا: مطلب المناقشة:

في المناقشة ينبغي فتح حوار بين الأطروحات التي يحيل عليها السؤال، وذلك لإبراز ما يلي:

1.الأسس المعرفية والإيديولوجية لكل أطروحة على حدة.

2.حدود كل أطروحة على حدة.

3.القيمة الفلسفية والمعرفية لكل أطروحة على حدة.

4.جدلية الموضوع وتعدد وجهات النظر فيه.

ملحوظة: في السؤال هناك نوع واحد من المناقشة هو المناقشة الخارجية.

رابعا: مطلب التركيب:

نقوم في هذا المستوى بالعمليات التالية:

1.خلاصة موجزة ومركزة للأفكار والآراء التي   تم التطرق لها في اللحظات السابقة.

2.إبداء الرأي في الموضوع مع تبرير ذلك بحجج وأدلة دامغة. 

الجوانب الشكلية:

يكون الموضوع جيدا إذا استوفى الشروط التالية:

1. سلامة اللغة وخلوها من الأخطاء الإملائية.

2.حسن الانتقال والتخلص من فكرة إلى أخرى.

3.الحرص على تنظيم الورقة على شكل فقرات.

4.الكتابة بلغة مقروءة وواضحة / انسجام وتماسك الفقرات/ احترام علامات الوقف والترقيم.

mardi 5 janvier 2021

المحور الأول : هوية الشخص ( نموذج تحليل نص فلسفي)

المحور الأول : هوية الشخص ( نموذج تحليل نص فلسفي)

التصور الفلسفي التجريبي" جون لوك": النص في الكتاب في المدرسي

الفئة المستهدفة: الثانية بكالوريا

 

" لكي نهتدي إلى ما يكوّن الهوية الشخصية لابد لنا أن نتبين ما تحتمله كلمة الشخص من معنى. فالشخص، فيما أعتقد، كائن مفكر عاقل قادر على التعقل والتأمل، وعلى الرجوع إلى ذاته باعتبار أنها مطابقة لنفسها، وأنها هي نفس الشيء الذي يفكر في أزمنة وأمكنة مختلفة. ووسيلته الوحيدة لبلوغ ذلك هو الشعور الذي يكون لديه عن أفعاله الخاصة. وهذا الشعور لا يقبل الانفصال عن الفكر، بل هو، فيما يبدو لي، ضروري وأساسي تماما بالنسبة للفكر، مادام لا يمكن لأي كائن [بشري]، كيفما كان، أن يدرك إدراكا فكريا دون أن يشعر أنه يدرك إدراكا فكريا.

عندما نعرف أننا نسمع أو نشم أو نتذوق أو نحس بشيء ما أو نتأمله أو نريده، فإنما نعرف ذلك في حال حدوثه لنا. إن هذه المعرفة تصاحب على نحو دائم إحساساتنا وإدراكاتنا الراهنة، وبها يكون كل واحد منا هو نفسه بالنسبة إلى ذاته، وفي هذه الحالة لا نأخذ في الاعتبار ما إذا كانت الذات نفسها تبقى مستمرة في الجوهر نفسه أو في جواهر متنوعة. إذ لما كان الشعور يقترن بالفكر على نحو دائم، وكان هذا هو ما يجعل كل واحد هو نفسه، ويتميز به، من ثم، عن كل كائن مفكر آخر، فإن ذلك هو وحده ما يكون الهوية الشخصية أو ما يجعل كائنا عاقلا يبقى دائما هو هو. وبقدر ما يمتد ذلك الشعور بعيدا ليصل إلى الأفعال والأفكار الماضية، بقدر ما تمتد هوية ذلك الشخص وتتسع. فالذات الحالية هي نفس الذات التي كانت حينئذ، وذلك الفعل الماضي إنما صدر عن الذات نفسها التي تدركه في الحاضر."

جون لوك، مقالة في الفهم البشري، الكتاب II فصل 27، فقرة 9 ترجمه إلى الفرنسية كوسط، ونشره إميليان نايرت، فران، 1994 ص : 264-265 الكتاب المدرسي: في رحاب الفلسفة

 

أولا: مطلب الفهم

      يتأطر النص الماثل أمامنا ضمن مجزوءة الوضع البشري، تحديدا مفهوم الشخص وهو البعد الذاتي الذي يشكل هذا الوضع، ويعالج قضية الهوية الشخصية، ويمكن صياغة إشكال النص على الشكل التالي:

ما الذي يحدد الهوية الشخصية؟ ما الذي يجعل الشخص هو هو في كل زمان ومكان رغم تغير مجموعة من مظاهره الخارجية؟ هل ينفصل شعور الإنسان عن فكره؟

ثانيا: مطلب التحليل

    جوابا عن السؤال الإشكالي المطروح، يؤكد صاحب النص على أن: التجربة الشعورية هي أساس الهوية الشخصية. بمعنى أن الإنسان يبقى ثابتا كذات بفضل تجاربه الحسية التي ترافق تجربته الوجودية، بمعنى أن الإنسان حينما يفكر فتلك الأفكار ليست فطرية -كما يقول ديكارت- بل هي مرتبطة بالتجارب التي يمر منها الإنسان.

وهذا النص هو رد مباشر على الاتجاه العقلاني لديكارت.

وقد انطلق صاحب النص في عرضه للأفكار من الفكرة الأساسية التالية:

أن الشخص هو ذلك الكائن المفكر والمطابق لنفسه، ووسيلته في ذلك هي الشعور. هذا الأخير الذي لا يقبل الانفصال عن الفكر يقول جون لوك: لا يمكن لي كائن بشري، أن يدرك إدراكا فكريا دون أن يشعر بأنه يدرك إدراكا فكريا.

أما في الفقرة التالية:

فيكر صاحب النص مجموعة من الأمثلة من أجل التأكيد على أن الإنسان حينما يدرك إدراكا عقليا فلا يمكنه القيام بذلك إلا عبر مجموعة من الإدراكات الحسية (الشم، السمع، التذوق، اللمس...)

يخلص صاحب النص في الفقرة الأخيرة إلى أن ما يجعل هوية الشخص ثابتة هو: ارتباط إدراكه الحسي بشكل دائم بإدراكه العقلي في الزمان والمكان.

وقد وظف صاحب النص مجموعة من المفاهيم الفلسفية:

الهوية الشخصية: وهو مفهوم فلسفي يدل على الجوهر الثابت لدى الشخص ويربطه جون لوك بالشعور.

الشخص: كائن مفكر قادر على التعقل والتأمل.

الشعور: هو مجموعة من الإدراكات الحسية (الشم، الذوق، اللمس، السمع..) التي من خلالها يدرك الإنسان ذاته ومحيطه والتي تكون لديه إدراكاته العقلية.

إن العلاقة بين هذه المفاهيم هي علاقة تكامل وترابط وتلازم، لأن الشعور مرتبط بالهوية الشخصية وملازم لها، والهوية الشخصية هي التي تحافظ على وحدة الشخص وثباته.

وقد وظف صاحب النص مجموعة من الحجج والبراهين من أجل الدفاع عن دعواه، ومن بين هذه الحجج:

التعريف: حيث يعرف في بداية النص مفهوم الشخص من خلال قوله " ...كائن مفكر قادر على التأمل والتعقل)

المثال: وذلك من خلال توظيف الفيلسوف لمجموعة من الأمثلة:" الشم، السمع، الذوق، الإحساس..).

الدحض: حيث يدحض الفيلسوف أطروحة ديكارت القائلة بأن الشعور ينفصل عن الفكر.

ثالثا: مطلب المناقشة

     تتجلى قيمة هذا النص في تأكيده على قيمة التجارب الحسية، أما من الناحية التاريخية فقد شكل هذا النص تجاوزا للاتجاه العقلاني لديكارت، كما أثر هذا النص على مجموعة من المدارس الفكرية والفلسفية خاصة الأنجلوسكسونية.

ولكن رغم أهمية النص إلا أن هناك عدة مواقف أخرى معارضة لدعواه، نجد مثلا الفيلسوف العقلاني ديكارت يؤكد على أطروحة مغايرة مفادها:

أن هوية الشخص تتحدد بالعقل المجرد، باعتباره نورا فطريا، وهو الوسيلة لحضور الذات أمام نفسها، فجوهر الإنسان هو العقل والخاصية الأساسية للعقل هي التفكير حيث يقول: " أي شيء أنا إذن؟ أنا شيء مفكر." ومعنى ذلك أن الإنسان يبقى ثابتا لأنه يفكر وحينما يتوقف عن التفكير فإنه يتوقف عن الوجود وهنا يقول ديكارت: " أنا أشك، أنا أفكر، إذن أنا موجود".

أما خلال القرن 19، فستظهر نظرية في مجال علم النفس ستحاول تجاوز التصور الفلسفي، وستقول بأن جوهر الإنسان ليس هو العقل ولا الشعور، بل هو اللاشعور وهو ما أكده الطبيب النمساوي سيجموند فرويد مؤسس نظرية التحليل النفسي. وتؤكد هذه النظرية على أن الإنسان يمتلك جهازا نفسيا هو الذي يتحكم في كل أفعاله وتصرفاته وينقسم هذا الجهاز النفسي إلى ثلاثة عناصر:

الجانب الغريزي: الهو، الجانب الواقعي: الأنا، الجانب الأخلاقي: الأنا الأعلى.

رابعا: مطلب التركيب

من خلال تحليلينا لهذا المحور، يتبين لنا أن إشكالية الهوية الشخصية، من أهم القضايا التي اهتم بها الفلاسفة على مر تاريخ الفلسفة، وهو ما خلف جدلا مستمرا، حول الكشف عن الماهية الثابتة التي تجعل الشخص ثابتا رغم تغير أحواله في الزمان والمكان، فهناك من يربط الهوية بالجانب العقلي باعتباره هو المحدد للذات، وهو ما يؤكد عليه الاتجاه العقلاني، وهناك من يحدده بالجانب الحسي الشعوري وهو ما يؤكد عليه الاتجاه التجريبي. فيما جاءت نظرية التحليل النفسي لتغليب الجانب اللاشعوري النفسي في تحديد الهوية الشخصية، مؤسسة بذلك لاتجاه دينامي للهوية عكس التصورات الماهوية في الفلسفة الكلاسيكية. خلاصة القول أن الهوية الشخصية لا يمكن حصرها في جانب واحد وإهمال جوانب أخرى، لذلك فهي نتيجة تفاعل كل هذه الجوانب العقلية والحسية والنفسية. لأن الإنسان كائن متعدد الأبعاد. وهو ما ينسجم كذلك مع الفكر الفلسفي باعتباره فكرا متعددا ونسبيا. وفي الأخير نتساءل: ما الذي يحدد قيمة الشخص؟




مفهوم: الرغبة




 
الفئة المستهدفة: أولى بكالوريا علوم وآداب

مفهوم: الرغبة

تأطير إشكالي:

يعتبر الإنسان حيوانا راغبا، ذلك أن له حاجات بيولوجية مثله مثل الحيوانات الأخرى، لكنه يتميز عنها بالرغبة لأنه يسعى إلى تحقيق حاجاته بأشكال وفي أوقات مختلفة، وبحسب ما يريد وهذا يعني أن الرغبة لها علاقة وطيدة بالإرادة والعقل. كما يكتنف مفهوم الرغبة غموضا مرتبطا بالأبعاد الأساسية للإنسان، بجسده وانفعالاته الوجدانية وإرادته العاقلة.

هكذا فللإنسان رغبات وجدانية واجتماعية وجمالية وغيرها.

تساؤلات المفهوم:

ماهي طبيعة الرغبة؟ هل هي ذات طبيعة نفسية لاشعورية؟ أم ذات طبيعة ثقافية اجتماعية؟ وما علاقة الرغبة بالحاجة؟

كيف تتفاعل الرغبة مع العقل والإرادة؟ وهل نحن أحرار فيما نرغب فيه؟

هل تتحقق السعادة بتحقيق الرغبة؟

المحور الأول: الرغبة والحاجة

التصور النفسي: ميلاني كلاين 1882-1960

إشكالية النص: كيف تنبثق الرغبة عن الحاجة؟ ما دور إشباع الرغبة أو إحباطها في تثبيت الأنا وتكوين شخصية الطفل؟

أطروحة النص: شخصية الإنسان الراشد هي حصيلة الإشباعات والاحباطات التي تعرضت له رغباته في الطفولة؟ خصوصا الرغبة في ثدي الأم.

أفكار النص:

1-      ينطلق النص من التأكيد على أن الطفل في علاقته بثدي أمه يلبي حاجاته إلى الطعام وفي نفس الوقت يحقق رغباته اللاشعورية، المتمثلة في التخلص من دوافعه العدوانية وقلقه الاضطهادي.

2-      ينتقل النص في الفقرة الثانية إلى التمييز بين طريقين في الرضاعة: الأولى منتظمة، حيث لا تلبي الأم رغبة الطفل في ثديها كلما بكى، بل تترك له الفرصة للبكاء، وبالتالي تحقيق رغباته اللاشعورية والتنفيس عن قلقه واندفاعاته التدميرية. أما الطريقة الثانية، فهي عشوائية لأن الأم تلبي طلب الطفل لثديها كلما بكى وبالتالي يحس بالإحباط لأن رغباته اللاشعورية لم تتحقق.

3-      الطريقة المنتظمة في الرضاعة يكون لها الأثر الإيجابي في شخصية الطفل، من خلال تثبيت أناه و تكوين مفهوم الواقع لدية وبالتالي حصوله على شخصية متوازنة في المستقبل يعمل على تعويض إحباطه الطفولي بأنشطة إبداعية عبر عملية الإعلاء.

 

خطاطة تلخيصية:


        
                                                  عدم إشباع الرغبة= الحرمان

 ↓                                                             

الوعي بالعالم الخارجي             تكيف مع الوسط الخارجي  التسامي من خلال أنشطة إبداعية

                                      ↓


   ↓                                                              ↓


تشكيل وتثبيت الأنا واستدماج مفهوم الواقع                  إمكانية التخلص من الدوافع والقلق الاضطهادي

 

التصور الأنثروبولوجي: رالف لنتون 1893_1953

إشكالية النص: كيف تعمل الثقافة على توجيه الرغبة؟

أطروحة النص: يتبنى الأنثروبولوجي رالف لنتون أطروحة مفادها أن الثقافة تعمل على توجيه الحاجات الإنسانية ويقسمها إلى ثلاث أنواع من الرغبات:

الرغبات البيولوجية: تعتمد على الخصائص الجسدية للإنسان مثل المسكن والمأكل والمشرب وهي ضرورة حيوية مشتركة بين الإنسان وباقي الكائنات الأخرى.

الرغبات الاجتماعية: تنشأ من خلال العيش داخل الجماعة البشرية والرغبة في التواصل داخل إطار اجتماعي.

الرغبات النفسية: وتربط بالبعد النفسي للفرد مثل الحاجة إلى السعادة وتحقيق الذات والتواصل والتعاطف.

المحور الثاني: الرغبة والإرادة

تأطير إشكالي:

تعني الرغبة تحويل الحاجة إلى ميل متصل بشيء أو موضوع يفتقده الإنسان ويسعى للحصول عليه، أما الإرادة فهي القدرة على الاختيار والتصرف وفق ما يمليه تفكير الفرد.

نتساءل إذن: هل هناك علاقة بين الرغبة والإرادة وكيف يعي الإنسان رغبته وهل يتحكم فيها؟

 

 

التصور الفلسفي لباروخ سبينوزا (1632-1677)

إشكالية النص: ما علاقة الرغبة بالإرادة؟ وهل نعي رغباتنا؟ ونتحكم فيها؟

أطروحة النص: يتبنى صاحب النص موقفا مفاده أن الرغبة هي ماهية الإنسان وهي شيء غريزي فيه، وحينما نشتهي شيئا ما ونرغب فيه فإننا نميل إليه، الرغبة إذن هي شهوة " مصحوبة بوعي بذاتها".

مفاهيم النص:

الإرادة: هي القدرة على الاختيار وفق ما يمليه تفكير الفرد.

الشهوة: هي ميل غريزي لدى الإنسان وحينما تعي هذه الشهوة ذاتها تسمى رغبة.

الرغبة: هي الشهوة المصحوبة بوعي بذاتها.

العلة الغائية: هي العلة التي تكون غاية الفعل مثل الجلوس.

العلة الفاعلة: هي العلة التي تكون سبب وجود الشيء مثل النجار.

العلة الصورية: هي الشكل الذي تتخذه تلك الغاية مثل مستطيل.

حجاج النص:

حجة المثال: مثال " السكن"

حجة التأكيد: إننا لا نسعى...

حجة النفي: لا نعي شيئا غير....

المناقشة: التصور النفسي: جاك لا كان 1901-1981

يعتبر جاك لاكان الرغبة خارجة عن إرادة الذات والوعي لأنها تنتمي إلى منطقة اللاشعور وبالتالي فإن الرغبة هي إرادة لا واعية تسيطر على الإنسان دون أن تكون له قدرة على التحكم فيها. يقزل جاك لا كان: " إن اللاشعور لغة يوجد وراءها الشعور وهنا بالضبط تتموضع وظيفة الرغبة."

خلاصة تركيبية للمحور:

تعتبر الرغبة والإرادة مفهومان إشكاليان توجد بينهما علاقة جدلية. بحيث أن الإرادة هي قدرة على الاختيار بينما الرغبة هي ميل غريزي في الإنسان. إذن هناك اختلاف في مواقف الفلاسفة حول تصورهم لهذه العلاقة فهناك من يعتبر أن الإنسان يتحكم في رغبته كما ذهب إلى ذلك " سبينوزا" وهناك من يعتبر الرغبة خارجة عن إرادة الذات كما يقول " جاك لاكان" الذي يعتبر الرغبة لاشعورية في الإنسان.

المحور الثالث: الرغبة والسعادة

تأطير إشكالي: بعدما رأينا علاقة الرغبة بالإرادة نتطرق الآن لتحليل العلاقة بين الرغبة والسعادة، وتعني السعادة الحالة النفسية المميزة بالنشوة والرضى إذن يمكن أن نطرح التساؤلات التالية:

ما علاقة الرغبة بالسعادة؟

هل يمكن أن يكون الإنسان سعيدا بتلبية حاجاته؟

التصور العقلاني: رونيه ديكارت 1596-1650

إشكالية النص: ما علاقة الرغبة بالسعادة ما علاقة الرغبة بالبهجة؟

أطروحة النص: إن الرغبات حسب " ديكارت" متعددة حسب موضوعاتها، والبهجة هي التي تولد إحساسا عظيما بما يبهجنا، وأحسن الرغبات وأعلاها هو " الحب".

حجاج النص:

حجة التأكيد: "إن الطبيعة..."

حجة النفي:" لا نسعى إلى شيء ولا نريد..."

حجة المثال: " إننا لو أخذنا مثلا الفضول..."


حجة التقابل: الحب       الكراهية      البهجة          النفور

حجة الاستفهام: فما الرغبة التي تولدها البهجة؟

حجة التعريف: «الإحساس بالبهجة يسمى عادة الحب"

حجة العرض والتوضيح: " إن الابتهاج الرئيسي..."

استنتاج للنص:

نستطيع أن نتبين مع ديكارت ارتباط الرغبة بالسعادة فإذ يقر بتعدد الرغبات. وتغيرها بحسب تعدد موضوعاتها, فالرغبة المتولدة عن الإحساس بالبهجة هي أقوى الرغبات المتمثلة في الميل نحو شخص ما نعتقد فيه صفات الكمال الذي بامكانه أن يشكل ذاتنا الأخرى. والميل الذي يعكس هذه الرغبة هو "الحب".

المناقشة: تحليل موقف أبيقور 342 ق.م 270 ق.م

أطروحة النص: يعتبر أبيقور أن تحقيق اللذة هو غاية الحياة السعيدة، ما دامت الذات الإنسانية في سعي مستمر نحو التخلص من الآلام والاضطرابات.

ويقسم أبيقور اللذات إلى نوعين:

اللذات الطبيعية: ويعتبرها ضرورية للجسم والاستمرار في الحياة.

اللذات الحسية: وهي التي لا تشكل ضرورة للإنسان.

يتضح إذن أن الموقف الأبيقوري هو موقف يعتبر اللذة شيئا مهما وضروريا عكس بعض الفلاسفة الذين اعتبروها شيئا يجب التخلص منه.

خلاصة تركيبية:

يتبين من خلال تحليلنا لمفهوم الرغبة أنه م بين المفاهيم الفلسفية التي استأثرت باهتمام الفلاسفة عبر التاريخ. وقد أفرزت عدة إشكالات مرتبطة أساسا بمفاهيم الحاجة والإرادة والسعادة. فالرغبة مرتبطة بالجانب النسي اللاشعوري حسب ميلاني كلاين، وهي حسب لنتون ذات علاقة بالجانب الاجتماعي. ومرتبطة بالإرادة حسب سبينوزا مرتبطة باللاشعور وبالتالي خارج عن إرادة الإنسان حسب جاك لاكان. وأخيرا تحقيق الرغبة هي وسيلة لتحقيق السعادة حسب أبيقور وديكارت. أما حسب ابن مسكويه فهي طريق للشقاء.