mardi 30 avril 2024

نموذج تحليل نص فلسفي

 

الفئة المستهدفة: 1 باك " جميع الشعب"

المادة: الفلسفة

المجزوءة: الإنسان

نص ابن خلدون حول ضرورة الاجتماع البشري


 

إن الاجتماع الإنساني ضروري، ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم “الإنسان مدني بالطبع”، أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدنية في اصطلاحهم، وهو معنى العمران. وبيانه أن الله  -سبحانه- خلق الإنسان وركبه على صورة لا يصح حياتها وبقاؤها إلا بالغذاء، وهداه إلى التماسه بفطرته وبما ركب فيه من القدرة على تحصيله. إلا أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته من ذلك الغذاء غير موفية له بمادة حياته، ولو فرضنا منه أقل ما يمكن فرضه وهو قوت يوم من الحنطة مثلا فلا يحصل إلا بعلاج كثير من الطحن والعجن والطبخ. وكل واحد من هذه الأعمال الثلاثة يحتاج إلى مواعين وآلات لا تتم إلا بصناعات متعددة من حداد ونجار…

وكذلك يحتاج كل واحد منهم أيضا في الدفاع عن نفسه إلى الاستعانة بأبناء جنسه، لأن الله سبحانه لما ركب الطباع في الحيوانات كلها وقسّم القدر بينها، جعل حظوظ كثير من الحيوانات العجم من القدرة أكمل من حظ الإنسان. فقدرة الفرس، مثلا، أعظم بكثير من قدرة الإنسان، وكذا قدرة الحمار والثور، وقدرة الأسد والفيل أضعاف من قدرته. ولما كان العدوان طبيعيا في الحيوان جعل لكل واحد منها عضوا يختص بمدافعته ما يصل إليه من عادية غيره، وجعل للإنسان، عوضا من ذلك كله، الفكر واليد. فاليد مهيئة للصنائع بخدمة الفكر، والصنائع تحصل له الآلات التي تنوب له عن الجوارح المعدة في سائر الحيوانات للدفاع مثل الرماح التي تنوب عن القرون الناطحة…

 ولابد في ذلك كله من التعاون عليه بأبناء جنسه، وما لم يكن هذا التعاون فلا يحصل له قوت ولا غذاء ولا تتم حياته، لما ركبه الله تعالى عليه من الحاجة إلى الغذاء في حياته، ولا يحصل له أيضا دفاع عن نفسه لفقدان السلاح، فيكون فريسة للحيوانات ويعاجله الهلاك…

فإذن هذا الاجتماع ضروري للنوع الإنساني وإلا لم يكمل وجودهم، وما أراده الله من اعتمار العالم بهم واستخلافه إياهم وهذا هو معنى العمران الذي جعلناه موضوعا لهذا العلم.

 

عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة، تحقيق درويش الجويدي، المكتبة العصرية – بيروت، الطبعة الثانية 2000، ص: 46-47

مطلب الفهم: المقدمة:

         انطلاقا من المفاهيم المتضمنة في هذا النص الفلسفي قيد الاشتغال (الاجتماع البشري،المدنية، الإنسان

 ...) يتضح لنا أنه يتموضع داخل مجال مجزوءة الإنسان، والذي يقصد به الكائن العاقل والقادر على التمييز بين الخير والشر، وهو كائن متعدد الأبعاد ( وعي، رغبة ، مجتمع...) وهو من القضايا الكبرى في تاريخ الفلسفة منذ ظهورها في اليونان، فهو حيوان سياسي عند أرسطو، ومقياس كل شيء عند السفسطائيين، و كائن مفكر عند ديكارت وحيوان ميتافزيقي عند شوبنهور ...الخ. ويتأطر االنص تحديدا ضمن مفهوم المجتمع: وهو " تجمع للناس في إطار علاقات متبادلة وقيم ومعايير اجتماعية، تنظمهم مؤسسات ويتقاسمون هوية ثقافية مشتركة ويتبادلون مصالح مشتركة."، وبالتمعن في النص الماثل أمامنا نجده يسلط الضوء على إشكالية أساس المجتمع وبذلك فهو يفضي الى مفارقة واضحة تتمثل في أن الإنسان حينما يولد كفرد مستقل لكن يجد نفسه في إطار جماعة. فالبعد الطبيعي في الإنسان هو حاجته إلى الآخر، لكن قد يعيش منعزلا أحيانا. إذن استنادا إلى هذه المفارقة الفلسفية يمكننا طرح مجموعة من الاشكالات من قبيل: كيف ينشأ المجتمع الإنساني؟ هل على أساس فطري طبيعي؟ أم على أساس ثقافي مكتسب؟

مطلب التحليل:

         جوابا عن الإشكال لمطروح أعلاه يقدم النص أطروحة فلسفية مفادها: أن أساس الاجتماع البشري هو أساس طبيعي وضروري، فالإنسان لا يستطيع تحقيق حاجاته بمعزل عن الآخرين. يعتبر الاجتماع الإنساني أو ما يسمى بالعمران البشري حياة جماعية للأفراد، تنبني على التعاون والتضامن من توفير الغداء والأمن والاستقرار، ولا يستطيع الفرد لوحده أن يحقق لنفسه هذه الاحتياجات دفعة واحدة، لأن طبيعة الفرد تد فعه إلى التعاون والتعايش ضمن مجال مشترك مع الآخرين لذلك يمكن القول إن الإنسان مدني أو اجتماعي بفطرته.

وقد وظف صاحب النص مجموعة من المفاهيم الفلسفية نذكر منها:

الاجتماع الإنساني: وهو تجمع البشر في إطار مجتمع منظم وفقا لفطرتهم التي فطرهم الله عليها.

المدنية: بمعنى حالة التمدن والتحضر وهي نقيض التوحش والحيوانية.

الإنسان: كائن مدني بطبعه بمعنى اجتماعي، لا يستطيع العيش خارج إطار المجتمع.

العلاقة التي تربط هذه المفاهيم هي علاقة تكامل وانسجام لأن الإنسان كائن مدني بطبعه وبفطرته التي فطره الله عليها.

وإقناعنا بصواب أطروحته اعتمد صاحب النص مسلكا حجاجيا، يمكن أن نميز فيه بين العمليات التالية:

- المثال : حاول النص بيان موقفه بمثالين يتلخص الأول في التعاون من أجل تحصيل قوت يوم. والمغزى المقصود من وراء توظيف هدا المثال هو إثبات أطروحته. وتعلق المثال الثاني بالتعاون من أجل الدفاع عن النفس والسيطرة على الطبيعة ويؤدي هدا المثال نفس الوظيفة التي أداها المثال الأول.

_ بالحجاج المستند إلى سلطة حاول النص الدفاع عن أطروحته باعتماد حجة نقلية تتمثل في الاستشهاد بالقول الفلسفي للفلاسفة القدماء (أفلاطون أرسطو) فقد عمد النص إلى ذلك لأجل الإقناع. والقول الذي تم الاستشهاد به هو "الإنسان مدني بالطبع".

مطلب المناقشة:

           يتبين مما سبق إن الدافع إلى تأسيس المجتمع دافع فطري اقتضته طبيعة الإنسان، وتتجلى القيمة الفلسفية لأطروحة النص في التركيز على البعد الفطري للاجتماع الإنساني، أما من الناحية التاريخية فالنص نموذج لتصور الفكر الإسلامي لمسألة الاجتماع الإنساني، وهو الفكر الذي تأثر بالفلسفة اليونانية، وابن خلدون حاول تأسيس علم يفهم تطور التاريخ والمجتمع الإنساني. لكن إلى أي حد يمكن القبول بهذا التصور كإجابة وحيدة ممكنة لمعالجة الإشكال المطروح؟ أليست هناك تصورات فلسفية أخرى مدعمة او معارضة لهدا التصور؟      في سياق الإجابة عن التساؤل يمكن أن نقف عند التصور اليوناني والدي استشهد به صاحب النص ويتعلق الأمر بأرسطو Aristoteيؤكد هذا الفيلسوف أن الإنسان اجتماعي بفطرته، لذلك يعتبر المجتمع استجابة تلقائية للفطرة الإنسانية، إن الإنسان يميل إلى التعاون والتآزر قصد تلبية حاجياته الأساسية، من هنا نشأت قرى ومدن ودول وهذه التجمعات تمثل تحقيق للذات الإنسانية وإكمالا لماهية الإنسان.

ومن منطلق آخر، أن الاجتماع الإنساني لم يكن طبيعيا ولا ضروريا، ويمكن أن نستحضر في هذا الصدد المواقف التعاقدية التي أقرت بأن الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة المجتمع والسياسة كان عبر تعاقد اجتماعي. فقد كان الإنسان يعيش حالة سماها فلاسفة التعاقد الاجتماعي (جون لوك، باروخ اسبينوزا، توماس هوبز جان جاك روسو) بحالة الطبيعية، وهي حالة يختلف بخصوصها فلاسفة التعاقد، فهناك من يرى أن حالة حرب، وهناك من يرى أنها حالة حرية أمن، وهناك من يرى أن حالة الشهوات. وعلى العموم، فهم يتفقون في كون الإنسان قد انتقل من تلك الحالة التي هي حالة الطبيعة إلى حالة المدنية والاجتماع عبر عقد اجتماعي، الذي هو عبارة عن نظام سياسي واجتماعي وأخلاقي يقوم على اتفاق الأفراد فيما بينهم لتدبير الشأن العام بواسطة المؤسسات والقوانين.     ولتوضيح ضرورة الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة المدنية نستحضر قول واحد من فلاسفة التعاقد الاجتماعي وهو الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو. فقد ذهب هذا الأخير في كتابه العقد الاجتماعي، إلى أن أساس المجتمع هو اتفاق وتعاقد بين الناس، هو ما يصطلح عليه عادة بالعقد الاجتماعي. واقد انتقال الانسان إلى حالة المدنية لأن الأفراد في حالة الطبيعية كانت تغلب عليهم الأنانية، ولم يكونوا ليحصلوا الكثير من المزايا إلا بالانتقال إلى حالة المدنية. يقول روسو في هذا الصدد: “إنه وإن يكن قد حرم، في هذه الحال (حال المدنية) مزايا كثيرة استمدها من الطبيعة، فلقد اكتسب بدلا منها مزايا أخرى كبيرة: لقد انجلت قواه العقلية ونمت، وتسعت أفكاره، ونبلت عواطفه، وسمت نفسه كلها حتى إنه كان يجب عليه أن يبارك، بلا انقطاعـ الساعة السعيدة التي انتزعته منه تلك الحياة إلى الأبد، والتي جعلت منه كائنا ذكيا، ورجلا، بعد أن كان حيوانا بليدا محدود الفهم“.

مطلب التركيب:

        إن المتأمل في كل ما سبق، لا يمكن إلا أن يخلص إلى أن الإنسان كائن اجتماعي، سواء كان يميل إلى الاجتماع بطبيعته وفطرته كما ذهب إلى ذلك عبد الرحمان بن خلدون، والفيلسوف اليوناني أرسطو، أو بإرادته واختياره وانطلاقا من الاتفاق والتعاقد كما ذهب إلى ذلك فلاسفة التعاقد الاجتماعي. ومنه يمكن أن نؤكد على ضرورة المجتمع وأهميته، فهو بمثابة الحضن الذي يجد فيه الفرد الحماية والرعاية والأمن، وانطلاقا من هذا القول وجب التأكيد على ضرورة تأسيس المجتمع على أسس أخلاقية تضمن العيش المشترك وأسس سياسية تساهم في حفظ المصالح العامة وتدبير الأزمات والخلافات بين الأفراد.

وفي الأخير نتساءل: ما هي العلاقة بين الفرد والمجتمع؟

أخطاء منهجية تحليل نص فلسفي:

- يجب تجنب نسخ محتويات النص وترديد بعض محتوياته.

- يجب الاهتمام بجوهر وأساسيات النص وعدم الانسياق وراء العموميات التي يتحدث عنها النص.

- أفهم النص جيدا فسوء الفهم للنص هو إهمال وخروج عن التحليل الصحيح للنص يمكن أن يؤدي بك الى التحدث بشكل عمومي وسرد قضايا أخرى بعيدة عن النص.

- عند الاعتماد على حجج وبراهين أخرى يجب أن تكون موثقة حتى يتم تجنب السقوط في الأحكام الاعتباطية والمسبقة.

- عند التحليل يجب استخدام المسودة ففيها يتم وضع النقاط كرؤوس أقلام وبشكل مختصر جدا، ولكن ما بعد المسودة أي تحرير النص وتحليله يجب الابتعاد عن الاختصار بقدر الإمكان وأن لا تكتب بشكل رمزي فهذا لا يعتبر تحليلاً بذاته بل يصبح ضمن تلخيص النص.

 

يكون الموضوع جيدا إذا استوفى الشروط التالية:


1.      سلامة اللغة وخلوها من الأخطاء الإملائية.

2.       حسن الانتقال والتخلص من فكرة إلى أخرى.

3.       الحرص على تنظيم الورقة على شكل فقرات.

4.       الكتابة بلغة مقروءة وواضحة / انسجام وتماسك الفقرات/ احترام علامات الوقف والترقيم. 

 

تحميل  PDF

lundi 29 avril 2024

المحور الثاني: اللغة والسلطة


الفئة المستهدفة: 1 باك " جميع الشعب"

المادة: الفلسفة

المجزوءة: الإنسان



إشكالية المحور:

إن الإنسان حيوان لغوي وهو الوقت نفسه حيوان عاقل. ولذلك هناك ارتباط قوي بين اللغة والعقل؛ فهذا الأخير يستخدمها للتعبير عن أفكاره. لكن هل باستطاعة عقل الإنسان أن يستخدم اللغة بحرية كاملة؟ ألا يمكن القول بأن اللغة تمارس سلطة قمعية على الإنسان؟ لكن أين تتجلى هذه السلطة؟ هل في الشكل أم المضمون؟ هل هي سلطة تتعلق بالبنية التركيبية الداخلية للغة أم بارتباطها بالمؤسسات الاجتماعية والأشخاص الناطقين باسمها ؟

المواقف الفلسفية: 



   أ)   موقف غسدورف Georges Gusdorf:1912 /2000 ص 52.

    تتجلى ممارسة اللغة للسلطة في فرض حسن استعمال الكلمات على الإنسان، من اجل إخراجه من عالمه الداخلي، نحو العالم الخارجي الموشوم بالنظام المحكم، فاللغة تفرض علينا التخلي عن دواتنا المغلقة في اتجاه الانفتاح على العالم الخارجي، من خلال ذلك تتجلى السلطة المفروضة من طرف اللغة.

ب)  موقف فريديريك نيتشه. ص 53

   يعالج  نيتشه إشكالية ارتباط اللغة بالسلطة، في إطار علاقة الصراع بين السيد والعبد، ذلك أن اللغة تجسد السلطة التي يمارسها هذا على ذاك، كون اللغة في الأصل حسب نيتشه من إبداع الأقوياء والأسياد، الذي أطلقوا الأسماء التي اختاروها على الأشياء، إلى أن أصبح النظام الرمزي الذي نستعمله عاكسا للهيمنة المفروضة على الضعفاء.

ج)  موقف رولان بارط:

  رد رولان بارط سلطة اللغة إلى آلية التكرار التي تتسم بها، والتي تكرسها المؤسسات الرسمية للغة، كالإعلام والمدرسة والإشهار..، فقد يختلف التعبير عن الأفكار من خلال الأفلام والبرامج والكتب، لكن يتكرر المعنى، فالثقافة الإنسانية تعمل دائما على تكرار المضامين والخطاطات الإيديولوجية.

خلاصة المحور:

اختلفت تصورات الفلاسفة في زوايا النظر إلى إشكالية ارتباط اللغة بالسلطة، لكن أجمعوا كل من وجهة نظره على متانة العلاقة بينهما، إن كان على مستوى الاستعمال، الذي ينقلنا من العالم الداخلي إلى العالم الخارجي، أو على مستوى النشأة، التي تجسد سيطرة القوي على الضعيف، أو غير ذلك من أوجه السلطة التي تمارسها اللغة على مستعمليها.



خلاصة المحور:

اختلفت تصورات الفلاسفة في زوايا النظر إلى إشكالية ارتباط اللغة بالسلطة، لكن أجمعوا كل من وجهة نظره على متانة العلاقة بينهما، إن كان على مستوى الاستعمال، الذي ينقلنا من العالم الداخلي إلى العالم الخارجي، أو على مستوى النشأة، التي تجسد سيطرة القوي على الضعيف، أو غير ذلك من أوجه السلطة التي تمارسها اللغة على مستعمليها.

 تحميل PDF



dimanche 28 avril 2024

المحور الثاني: اللغة والفكر

 

 الفئة المستهدفة: 1 باك " جميع الشعب"

المادة: الفلسفة

المجزوءة: الإنسان



إشكال المحور:

 من خلال ممارسة الإنسان لعملية التفكير، يتجلى بوضوح تشبثه باللغة كمعبر عن الموضوعات التي يعالجها الإنسان أثناء هذه العملية، فتصور الإنسان للمفاهيم، وفهمه للوجود الطبيعي والإنساني يمر عبر ترجمة هذه المفاهيم والموضوعات إلى كلمات ورموز تكون في مجملها لغة، ولعل إشكالية ارتباط اللغة بالتفكير أثيرت قديما، حيث تعني كلمة "لوغوس logos" عند فلاسفة اليونان اللغة أو الخطاب، كما تعني العقل أو الفكر، فما علاقة اللغة بالتفكير؟ هل يمكن اعتبارهما وجهان لعملة واحدة؟ أم أن الفكر يستعمل اللغة كأداة للتعبير عن نفسه باعتبارها منفصلة عنه؟

وحدة اللغة والفكر:

تحليل نص ميرلو بونتي M.Merleau-Ponty1961 - 1908 ـص 48 من الكتاب المدرسي.



أطروحة النص: يرفض ميرلوبونتي أن تكون اللغة أداة منفصلة عن التفكير، نستعملها من أجل التعبير عما يجول بداخلنا من أفكار، ويرى مقابل ذلك أن اللغة والتفكير مرتبطان بشكل يستحيل معه الفصل بينهما، فاللغة حسبه هي جسد التفكير.

تحليل الأطروحة: إن الكلام ليس علامة للفكر، حيث تشير هذه العلامة إلى الفكر كما يشير الدخان إلى النار، دون أن تكون النار هي الدخان نفسه.

  ــ اللغة والفكر مرتبطان، بحيث نستخرج الأفكار والمعاني من داخل الكلمات، كما نستخرج الكلمات من المعاني، من حيث إن اللغة هي واجهة الفكر، أو صورته الخارجية.

  ــ لم يكن ممكنا أن تكون اللغة هي حصن التفكير لولا توفرها على قوة للدلالة عليه، ذلك أنها الحضور المحسوس للفكر، فهي الجسد الذي يظهر من خلاله الفكر.

  ــ إن الفكر بدون لغة هو وعي فارغ، إذ لا يمكن أن يتحقق الفكر إلا بوجود لغة تعبر عنه، فحتى في حالة الصمت، يستعمل الإنسان الكلمات، بالتالي فالفكر والتعبير يتكونان دفعة واحدة، وفي نفس الوقت.

خلاصة واستنتاج:

   نخلص انطلاقا مما سبق إلى أن الفكر لا يمكن أن يكون إلا في حضور اللغة، وأن اللغة لا يمكن أن تعبر عن الفكر إلا إذا كانت من نفس طبيعته، بالتالي فاللغة والتفكير وجهان لعملة واحدة، ذلك أن التفكير عملية داخلية تتخذ من اللغة جسدا لها، تتجلى من خلاله وتتكون في ظله.

مناقشة الأطروحة:

موقف هنري برغسونH.Bergson  1859/1941، النص ص 49.



  يرى برغسون في سياق معالجته لإشكالية ارتباط اللغة بالفكر، أن اللغة أفقر من أن تعبر عن غنى أفكارنا وعواطفنا، بحيث نتخذ نفس العبارات المتراكمة للتعبير عن أحاسيس قد تختلف من شخص إلى آخر، دون أن تختلف هذه العبارات في حالتي الشخصين، وهكذا فالعالم الداخلي الذي يعيشه كل منا لا ينفتح إلا نسبيا على العالم الخارجي، وذلك لعجز اللغة على تحويل كل أحاسيس الفرد إلى كلمات معبرة.

 خلاصة تركيبية للمحور:

اختلفت التصورات في معالجة إشكالية ارتباط اللغة بالفكر، فمن الفلاسفة من رأى أن اللغة مرتبطة بالفكر بشكل يصعب معه اعتبار اللغة مجرد وسيلة للتعبير عن الفكر، ومنهم من رأى أن اللغة عاجزة عن التعبير عن الفكر، نظرا لفقرها أمام غنى الفكر المجسد لمختلف حالات الإنسان، وبين هذا الموقف وذاك، يبقى سؤال العلاقة بين اللغة والفكر قائما.

 


تحميل PDF

mercredi 24 avril 2024

المحور الأول: اللغة خاصية إنسانية.

 

الفئة المستهدفة: أولى بكالوريا " جميع الشعب "

المادة: الفلسفة

المجزوءة: الإنسان

إشكالية المحور:

تعرف اللغة بكونها نظام من العلامات التي تم التواطؤ عليها بشكل اعتباطي، لاستعمالها كوسيلة للتواصل، بالاعتماد إما على الكلام أو على الكتابة، وعند التطرق لموضوع اللغة، أول ما يمكن ملاحظته هو خاصة بالإنسان دون غيره من الكائنات، فكيف يمكن أن ندعم فكرة كون اللغة خاصية إنسانية؟ ألا يمكن افتراض وجود لغة حيوانية تؤدي أدوار اللغة الإنسانية؟

موقف إرنست كاسيرر:

يؤكد الفيلسوف الألماني كاسيرر على أن ما يميز الإنسان، ليس امتلاكه للعقل والتفكير، بل قدرته على اختراع جهاز رمزي، يمكنه من بناء عالم رمزي مواز لعالمه المادي المحدود. فالإنسان في نظره " حيوان رامز"، وبالتالي يضيف الإنسان من خلاله جهازه الرمزي بعدا جديدا لوجوده، وهو أهم بعد لأن الرموز وخاصة اللغة الرمزية هي التي تتيح للإنسان الفرصة لخلق عالمه الرمزي، وكل الحضارة التي صنعها الإنسان من دين ولغة وأساطير وفنون، لم يكن من الممكن أن يصنعها الإنسان بدون رموز. وعلاقة باللغة الإنسانية فإن ما يجعلها خاصية إنسانية مختلفة عن اللغة الحيوانية هو ارتباطها بالرموز الشيء الذي يجعلها منتوجا إنسانيا خالصا ومتفردا.

موقف ديكارت:

 يتميز الإنسان في نظر الفيلسوف العقلاني ديكارت بكونه كائنا مفكرا، مما يتيح له التعبير عن الموضوعات والأفكار التي تجول بداخله، فالعقل هو النقطة الفاصلة بين الإنسان وغيره من الكائنات، في حين تبقى العلامات التي تصدرها الحيوانات عبارة عن انفعالات اتجاه مثيرات العالم الخارجي، أما الكلام الإنساني فهو انعكاس دال على وجود أفكار تتجاوز الانفعالات، بالتالي فاللغة خاصية إنسانية ما دام الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتميز بالعقل.

     ثانيا: مناقشة النص:

موقف إيميل بنفنيست:

                    أولا: الفرق بين الإشارة والرمز:

   للتمييز بين اللغة الإنسانية و"اللغة الحيوانية"، يميز بنفنيست بين الرمز والإشارة على الشكل التالي:

الرمـــز

          يتواطأ الانسان على وضع مجموعة من الرموز للدلالة على أشياء مادية كانت أو مجردة

          مثال: ــ رمز الميزان يدل على العدالة

          يكتسب الانسان قدرة على تأويل الرموز عبر التواطؤ على ربط الدال بالمدلول

          تعد اللغة أبهى صورة يمكن أن يتمثل فيها النظام الرمزي الذي يبدعه الانسان

الإشــارة:

            هي واقعة فيزيائية، ترتبط بواقعة أخرى بشكل طبيعي أو اتفاقي

          مثال: ــ البرق يشير إلى الرعد

ــ الجرس: يشير إلى وقت الاستراحة

          ما يعتبر "لغة حيوانية" هو ردود أفعال تصدر عن الحيوان اتجاه إشارات معينة

          يشترك الانسان والحيوان في الاستجابة للإشارات.

خلاصة المحور: يجمع الفلاسفة على أن اللغة ميزة خاصة بالإنسان، يحول تعقيدها دون قدرة الحيوانات على منافسته فيها، فاللغة الإنسانية تتجاوز ردود الأفعال اتجاه مثيرات العالم الخارجي، إلى كونها نظام رمزي بالغ في التعقيد، يعبر من خلاله الإنسان عن أفكاره، بوصفه كائنا مفكرا، وهذا ما يكشف لنا عن علاقة بين اللغة والفكر، فما طبيعة هذه العلاقة؟


vendredi 19 avril 2024

المحور الثاني: الرغبة السعادة

 

الفئة المستهدفة: 1 باك " جميع الشعب"

المادة: الفلسفة

المجزوءة: الإنسان



تأطير إشكالي:

 بعدما رأينا علاقة الرغبة بالإرادة نتطرق الآن لتحليل العلاقة بين الرغبة والسعادة، وتعني السعادة الحالة النفسية المميزة بالنشوة والرضى إذن يمكن أن نطرح التساؤلات التالية:

ما علاقة الرغبة بالسعادة؟

هل يمكن أن يكون الإنسان سعيدا بتلبية حاجاته؟

التصور العقلاني: رونيه ديكارت 1596-1650م

إشكالية النص: ما علاقة الرغبة بالسعادة ما علاقة الرغبة بالبهجة؟

أطروحة النص: إن الرغبات حسب " ديكارت" متعددة حسب موضوعاتها، والبهجة هي التي تولد إحساسا عظيما بما يبهجنا، وأحسن الرغبات وأعلاها هو " الحب".

حجاج النص:

حجة التأكيد: "إن الطبيعة..."

حجة النفي:" لا نسعى إلى شيء ولا نريد..."

حجة المثال: " إننا لو أخذنا مثلا الفضول..."



حجة التقابل: الحب  / الكراهية          البهجة/  النفور

حجة الاستفهام: فما الرغبة التي تولدها البهجة؟

حجة التعريف: «الإحساس بالبهجة يسمى عادة الحب"

حجة العرض والتوضيح: " إن الابتهاج الرئيسي..."

استنتاج للنص:

نستطيع أن نتبين مع ديكارت ارتباط الرغبة بالسعادة فإذ يقر بتعدد الرغبات. وتغيرها بحسب تعدد موضوعاتها، فالرغبة المتولدة عن الإحساس بالبهجة هي أقوى الرغبات المتمثلة في الميل نحو شخص ما نعتقد فيه صفات الكمال الذي بإمكانه أن يشكل ذاتنا الأخرى. والميل الذي يعكس هذه الرغبة هو "الحب".

المناقشة: تحليل موقف أبيقور 342 ق.م 270 ق.م

أطروحة النص:

يعتبر أبيقور أن تحقيق اللذة هو غاية الحياة السعيدة، ما دامت الذات الإنسانية في سعي مستمر نحو التخلص من الآلام والاضطرابات.

ويقسم أبيقور اللذات إلى نوعين:

اللذات الطبيعية: ويعتبرها ضرورية للجسم والاستمرار في الحياة.

اللذات الحسية: وهي التي لا تشكل ضرورة للإنسان.

يتضح إذن أن الموقف الأبيقوري هو موقف يعتبر اللذة شيئا مهما وضروريا عكس بعض الفلاسفة الذين اعتبروها شيئا يجب التخلص منه.

تصور الفلسفة الإسلامية (ابن مسكويه ) : السعادة في قهر الرغبات

يعتبر الفيلسوف المسلم إبن مسكويه، في كتابه تهذيب الاخلاق وتطهير الأعراق، أن التعالي على الشهوات، هو السبيل نحو السعادة الحقيقية، ويميز في ذلك، بين رأي العوام من الناس الذين يبالغون في تقدير اللذات المادية، ويصفهم بأخس الكائنات كالخنافيس والخنازير والحشرات. أما تهذيب النفس والسعي بها نحو كمالها الأخلاقي، فيقضي بالضرورة لجمها عن هذه اللذات الذنيئة. يقول: "  من رضي لنفسه بتحصيل اللذات البدنية، وجعلها غايته، وأقصى سعادته، فقد رضي بأخس العبودية ، لأخس الموالي. لأنه يُصَيِّر نفسه الكريمة… عبدا للنفس الدنيئة، التي يناسب بها الخنازير، والخنافس، والديدان، وخسائس الحيوانات التي تشاركه في هذا الحال."[1]

خلاصة تركيبية:

يتبين من خلال تحليلنا لمفهوم الرغبة أنه م بين المفاهيم الفلسفية التي استأثرت باهتمام الفلاسفة عبر التاريخ. وقد أفرزت عدة إشكالات مرتبطة أساسا بمفاهيم الحاجة والإرادة والسعادة. فالرغبة مرتبطة بالجانب النسي اللاشعوري حسب ميلاني كلاين، وهي حسب لنتون ذات علاقة بالجانب الاجتماعي. ومرتبطة بالإرادة حسب سبينوزا مرتبطة باللاشعور وبالتالي خارج عن إرادة الإنسان حسب جاك لاكان. وأخيرا تحقيق الرغبة هي وسيلة لتحقيق السعادة حسب أبيقور وديكارت. أما حسب ابن مسكويه فهي طريق للشقاء.

 



[1] ابن مسكويه، تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق، مكتبة الثقافة الدينية، بدون تاريخ، ص: 49 – 51.